للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يتمكن المسلمون من إيقاع الهزيمة الفاصلة بهم هناك، وكان المسلمون على عكس البيزنطيين يسعون إلى تحقيق ذلك، فكان انتصارهم في اليرموك ساحقًا ماحقًا، لكن تلك النتيجة لم تكن أمرًا مؤكدًا عند بدء الحملات، والمناورات.

- تعفي الروايات البيزنطية المتعلقة بمعركة اليرموك هرقل، ضمنًا، من أي مسئولية عن الكارثة، وتحمل القادة عوضًا عن ذلك هذه المسئولية، وهم الذين فشلوا في اتباع نصيحة هرقل الحكيمة، كما تلقي بالمسئولية على المناخ، وعلى الإثنيات الأجنبية كالأرمن مثلًا.

- ثمة قدر من اللا تناسق بين وصف المصادر الإسلامية، والنصرانية للمعركة، فقد أكد المسلمون أنها كانت معركة حاسمة استعمل فيها الذكاء، والشجاعة والخلق القويم، وفي المقابل، فقد قللت المصادر النصرانية من شأنها، وعدتها نصرًا حربيًا عظيم الشأن للمسلمين، وعزت النصر إلى التسلل والخديعة، وليس إلى نجاح عسكري صادق، والراجح أن هذا التفسير النصراني الذي جاء مقتضبًا هو جزء من محاولة للاعتذار من الكارثة، لكن الأمر لا يخلو من السخرية، فقد كان على البيزنطيين أن يتميزوا باللجوء إلى البراعة في القتال، وهو الأمر الذي لم يتوفر بفعل افتقارهم إلى القدر الكافي من الذكاء، والإدراك السليم لرسم الخطط وتنفيذها.

- لقد وسع الانهيار البيزنطي في معركة اليرموك المسافات بين مواقع الدفاع البيزنطية، ومع ذلك ظلت أغنى المدن في بلاد الشام في أيدي البيزنطيين، إلى جانب المناطق الأكثر إنتاجًا، ولكن حين، حيث لن تلبث أن تسقط هي الأخرى في أيدي المسلمين

- كان على القادة والجنود البيزنطيين الذين نجوا من المعركة اختيار أحد السبل المتعددة للخلاص، وأهمها:

- الاتفاق مع المسلمين الفاتحين الذين أضحوا السادة الجدد، والانضمام إليهم، واعتناق الإسلام أحيانًا، وهذا ما فعله جبلة بن الأيهم الغساني كما ذكرنا.

- التوجه نحو الشمال عبر الطريق الرئيسة في اتجاه أنطاكية، والرها، وملطية.

- اللجوء إلى الأديرة خشية العار.

- اللجوء إلى المدن الشامية، والانضمام إلى حامياتها.

- تلقى هرقل نبأ هزيمة جيشه في اليرموك بألم بالغ، وكان في أنطاكية، فلما توجه المسلمون بعد انتصارهم إلى حمص، خرج منها فعبر الفرات، ونزل في الرها وبقي فيها حتى وصل جند الكوفة مع عمر بن مالك إلى قرقيسياء، ثم فتحت

<<  <   >  >>