تفصيل النظام الملائم للوضع لاجديد في ظل عدم تجانس المجتمع الإسلامي الجديد، حيث لم تكن وحدة الدولة قد استقرت بعد.
وبعد الانتشار الإسلامي السريع في عهد عمر، والاحتكاك بشعوب البلاد المفتوحة التي تمتلك تجربة في شئون الحكم والعلاقات السياسية؛ أضحى هذا النظام بحاجة إلى تطوير ليتماشى مع الظروف البيئية، والاجتماعية والسياسية الجديدة، وهي في مضمونها استجابة حتمية لتحديات ما أفرزته الفتوح.
والواقع أن نظام الحكم في عهد عمر هو استمرار للأساس الذي قام عليه في عهد النبي، وعهد أبي بكر من بعده، وهو أن الخليفة يجمع في يده، من حيث المبدأ، السلطة المطلقة وفقًا لشروط، وأعراف غير مكتوبة، غير أن القرارات لم تأخذ طابعها الفردي المحض، بل كان هناك ثلاثة أنواع من المجالس الاستشارية غير الرسمية، ولم تكن هذه المجالس يومئذ نطاقًا غايته الحد من سلطان الخليفة، كما لم يكن لأصحاب الرأي الذين يستشارون حقوق يفرضونها عليه، بل كان الخليفة مطلق الصلاحية، وهو الذي يختار من يستشيرهم، ثم كان يفاضل بين آرائهم، فيأخذ منها ما يشاء، ويدع ما يشاء.
كان المهاجرون والأنصار هم أهل الرأي، والمشورة في عهد النبي يلتفون من حوله، ويستمعون منه ويشيرون عليه، ويسيرون معه، فلما كان عهد أبي بكر انساح كثير منهم في العراق، وفي بلاد الشام، وبقي بعض كبار الصحابة من المهاجرين والأنصار إلى جانبه، واستمروا في عهد عمر.
أما المجالس الاستشارية الثلاثة، فهي:
١- مجلس المهاجرين والأنصار:
يتشكل هذا المجلس من كبار الصحابة من المهاجرين، والأنصار من ذوي الخبرة والتجربة، فكانوا يزودون الخليفة بالنصيحة، ويتناقشون معه في القضايا الهامة، فإذا طرأ أمر يحتاج إلى التدبير كان أعضاء هذا المجلس يجتمعون، والمعروف أن عامة المسلمين اعترفوا بتقدم المهاجرين والأنصار وأسبقيتهم، فكان اشتراك أعضاء من كلا الجماعتين أمرًا حتميًا، ومن أعضاء هذا المجلس: العباس بن عبد المطلب، عثمان بن عفان، علي بن أبي طالب، عبد الرحمن بن عوف، معاذ بن جبل، أبي بن كعب وزيد بن ثابت، وتعد أحكام هذا المجالس كافية في شئون الحياة اليومية العادية.
٢- مجلس العامة:
يتألف هذا المجلس من عامة المسلمين، المهاجرين والأنصار، وزعماء البدو