للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من قبل القادة، وبعد تسلط هؤلاء آخر مرحلة من مراحل التطور السياسي أيام الساسانيين، ولكن نظام الإقطاع الذي برز في هذه المرحلة لم يكن لديه متسع من الوقت ليتحد قبل الفتح الإسلامي، ومنذ عهد فيروز الثاني الذي تولى الحكم بعد آزرميدخت، كانت جميع الأقاليم الواقعة شرقي مرو الروذ١ خارجة عن سلطة الدولة، ولم تكن هراة نفسها تابعة للساسانيين، وخضعت الولايات الواقعة على شواطئ بحر قزوين للديالمة، واستقرت الولايات الشمالية، والشرقية في أيدي ملوك وأمراء مستقلين.

أضحى رستم الحاكم الفعلي لفارس، ولم تفلح جهود التي بذلها في إعادة اللحمة، والقوة إلى الدولة المتداعية، ووجد نفسه عاجزًا عن وقف زحف المسلمين الجارف.

الوضع الاجتماعي:

لم يكن تغيير الأسرة الحاكمة في فارس حدثًا سياسيًا فحسب، بل امتاز بظهور روح جديدة في الدولة، والطابعان المميزان للنظام الجديد هما تركيز قوى السلطان، واتخاذ دين رسمي للدولة، وإذا كان الطابع الأول هو عودة إلى التقاليد التي سادت أيام الملك دارًا٢، فإن الطابع الثاني يعد تجديدًا، وفي مقابل تطور الحياة العامة، والتنظيم الإداري، فإن الهيكل الاجتماعي، والإداري الذي أنشأه أو أكمله مؤسس الدولة الساسانية بقي حتى نهايتها من الأمور المقدسة التي لا تحتمل التغيير٣.

قام المجتمع الفارسي على نظام ملزم للطبقات، ونصت الأوستا، الكتاب المقدس للفرس، على ثلاث طبقات هي: رجال الدين، رجال الحرب والحراثين، وأصحاب المهن والحرف، إذا استثنينا طبقة الحكام، غير أن تطور الحياة العامة في الدولة الساسانية، أفرز نظامًا سباعيًا على أساس سبع طبقات، وقسمت كل طبقة بدورها إلى عدة أقسام.

الطبقة الأولى: الملوك، وتشمل الأمراء، وحكام الولايات، وعلى رأس هؤلاء ملك فارس الذي يحكم وفقًا لنظرية الحق الإلهي المقدس للملوك، ويدعي حاكم الولاية مرزبان، ويحمل لقب ملك "شاه"، والإمارة وراثية شرط الالتزام بما يفرضه ملك


١ مرو الروذ: مدينة قريبة من مرو الشاهجان بينهما خمسة أيام، وهي في خراسان، الحموي: ج٥ ص١١٢، ١١٣.
٢ دارا: تاسع ملوك الدولة الأخمينية التي حكمت في إيران بين القرنين السابع والرابع قبل الميلاد.
٣ كريستنسن، آرثر: إيران في عهد الساسانيين ص٨٤، ٨٥.

<<  <   >  >>