للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أجر أو حافز، إنهم الحراثون الخاضعون للنظام الإقطاعي، يلبسون دروعًا من الخيزران المتشابك المغطى بجلد غير مدبوغ١، وهم جنود غير مهرة عادة، يولون الأدبار قبل أن يبدأهم العدو بحرب.

واعتمد الجيش الفارسي على المرتزقة أيضًا، وهم من الشعوب القاطنة في أطراف الدولة من الذين اشتهروا بالشدة في القتال، نذكر منهم: السجستانيون، الساجيون، القوقازيون، الديالمة وغيرهم.

يقود ملك الملوك، عادة، الجيش في المعارك، وينصب العرش المالكي، وسط الجيش، ويحيط به خدمه وحاشيته، وفرقة من الجند المكلفة بحراسته.

واقتبس الفرس بعض الفنون العسكرية من الرومان، مثل عمليات حصار القلاع، واستعمال المجانيق والأبراج المتحركة، وآلات الحصار الأخرى التي كانت تستعمل قديمًا، كما نفذوا أسلوب حرق المحاصيل الزراعية حتى لا يستفيد العدو منها، وفتح السدود في الأراضي التي يخصبها الري، حتى يغرق الوادي ويوقف تقدم العدو، هذا ويشترط بالقائد أن تتوفر فيه الصفات العسكرية الضرورية لإدارة الحرب، والقدرة على وضع، وتنفيذ الخطط العسكرية.

لم يكن الفرس شديدي البأس في الحرب، ولم يعتادوا القتال ببسالة إلا أن يكونوا على مسافة بعيدة من عدوهم، وإذا شعروا بأن فرقهم تتراجع يتقهقرون مطلقين خلفهم سهامهم حتى يخففوا من مطاردة عدوهم لهم.

تعتمد الخطط العسكرية التي طبقها الساسانيون في القتال، على الصدمة بأفواج منظمة من الفرسان الدارعين في صفوف كثيفة، كما طبقوا نظام التعبئة القائم على المقدمة من الفرسان، والقلب الذي يرتاد أفراده مكانًا مشرفًا، والجناحين والمؤخرة من الرماة والمشاة، وهو نظام الزحف٢ من خلال تقسيم الجيش إلى كراديس، والواقع أن هذا النظام العسكري، لم يثبت أمام التعبئة الإسلامية القائمة على الكر والفر، والمعروف أن المسلمين استعملوا أيضًا أسلوب الكراديس في القتال.

العلاقة مع البيزنطيين "الروم":

إن نظرة سريعة إلى تاريخ العلاقات بين فارس وبيزنطية، خلال القرون السبعة الأولى للنصرانية، تبين أنها اتسمت بالطابع العسكري المرير مع بعض الهدوء النسبي


١ كريستنسن: ص١٩٨، ١٩٩.
٢ ابن قتيبة، أبو محمد، عبد الله بن مسلم: عيون الأخبار ج١ ص١١٢. كريستنسن: ص٢٠٦، ٢٠٧.

<<  <   >  >>