للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غيره: فإذا رأيت أصحابه قد اجتمعوا على شيء؛ علمت أن الخطأ من حماد نفسه. وإذا اجتمعوا على شيء عنه، وقال واحد منهم بخلافهم؛ علمت أن الخطأ منه لا من حماد؛ فأميز بين ما أخطأ هو بنفسه، وبين ما أُخطِئ عليه.

***

ولأجل هذا؛ لم يكونوا يتعجلون الحكم على الحديث، ولا يتسرعون في إطلاق الأحكام على الأسانيد والروايات، ولا يغترون بظواهر الأسانيد، بل كانوا أحياناً يمضون الأيام الكثيرة والأزمنة البعيدة من أجل معرفة ما إذا كان الحديث محفوظاً، أم اعتراه شيء من الخطأ والوهم.

يقول الإمام الخطيب البغدادي (١) :

"من الأحاديث؛ ما تخفى علته، فلا يوقف عليها إلا بعد النظر الشديد، ومُضِيّ زمن بعيد".

ثم أسند عن الإمام علي بن المديني، أنه قال:

"ربما أدركت علة حديث بعد أربعين سنة"!

****

ولهذا؛ ما كانوا يسارعون إلى رد نقد النقاد، لمجرد عدم علمهم بأدلتهم، إلا بعد البحث الشديد، واستفراغ الجهد في الوقوف على ما عليه اعتمدوا في نقدهم، فإذا سمعوا منهم حكماً مجملاً، عارياً عن


(١) "في الجامع" (٢/٢٥٧)

<<  <   >  >>