ولما كان الاعتبار عند المحدثين بهذا الشأن العظيم، بذله من أجله كل نفس ونفيس، وطاف البلدان، وسمعوا من أهل الأمصار، رغبة في تمييز الأحاديث، والوقوف على الصحيح منها والسقيم، ومعرفة ما أصاب فيه الرواة وما أخطئوا فيه.
فهذا؛ إمام واحد، من أجل اعتبار حديث واحد، طاف بلدناً شتَّى، ودخل مدائن عدةً حتى وقف على علَّته، وهو الإمام شُعْبة بن الحجاج، عليه رحمة الله تعالى:
قال نصْر بن حمَّاد الورَّاق (١) :
كنا قعوداً على باب شعبة؛ نتذاكر.
فقلت: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن عطاء، عن عقبة بن عامر، قال: كنا نتناوب رعيَّة الإبل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجئتُ ذات يومٍ والنبي - صلى الله عليه وسلم - حوله أصحابه؛ فسمعتُه يقول:
" من توضأ، فأحسن الوضوء ثم صلى ركعتين فاستغفر الله؛ إلا غفر له".
(١) رواه: ابن حبان في "المجروحين" (١/٢٩) ، وابن عبد البر في "التمهيد" (١/٤٨ـ ٤٩) والخطيب في "الرحلة" (٥٩) وكذا في "الكفاية" (ص. ٥٦٦ ـ ٥٦٧) والبيهقي في "القراءة خلف الإمام" (ص ٢٠٧ ـ ٢٠٨) .