يكثر في هذا الباب من قِبَل بعض الباحثين التساهل في النظر في أحوال رواة المتابعات والشواهد، خصوصاً إذا كانوا متأخرين في الطبقة، فيثبتون المتابعة التي تفردت بها بعض المصادر المتأخرة، من غير نظر في رجال الإسناد إلى المتابعة، وكثيراً ما يكون راوي هذه المتابعة مطعونا عليه.
كمثيل المتابعات التي يتفرد بها الحاكم في " المستدرك "، والبيهقي في " سننه " وغيرها، وابن عساكر، والطحاوي كذلك، والخطيب أيضاً، وأمثال هؤلاء العلماء المتأخرين.
فقد يُسنِد بعضهم رواية ويتفرد بها، والآفة فيها من شيخه أو شيخ شيخه، فيغفل البعض عن النظر في حال هؤلاء الشيوخ، ويكتفي بالنظر في رجال الطبقات العليا من الإسناد.
وبطبيعة الحال؛ فإن هذا الصنيع سائغ لو أن هذه الرواية بعينها له أصل عند أهل الطبقات العليا، أما إذا كانت الرواية مما تفرد بها بعض المتأخرين وجب النظر في أحوال رواتها كلهم، وبلا استثناء.
فمثلاً؛ لو أن حديثاً رواه أبو داود في " السنن " عن شيخ معين، بإسناد معين، ثم وجدنا البيهقي رواه أيضاً من طريق أبي داود؛ فإنه ـ والحالة هذه ـ لا يعنينا حال من بين البيهقي وأبي داود؛ لأن أصل الحديث ثابت عند أبي داود، فالنظر ـ حينئذ ـ إنما يكون فيمن فوق أبي داود من الإسناد.