الأحاديث الحسنة، أحاديث منكرة وباطلة، قد فرغ الأئمة من ردها.
فإن آفة الآفات في هذا الباب، ومنشأ الخلل الحاصل فيه من قِبل بعض الباحثين هو ممارسة الجانب العملي فيه استقلالاً من دون الرجوع إلى أئمة العلم لمعرفة كيفية ممارساتهم العملية.
فكما أن القواعد النظرة لهذا العلم تؤخذ من أهله المتخصصين فيه، فكذلك ينبغي أن يؤخذ الجانب العملي منهم؛ لا أن تؤخذ منهم فقط القواعد النظرية، ثم يتم إعمالها عملياً من غير معرفة بطرائقهم في إعمالها وتطبيقها وتنزيلها على الأحاديث والروايات.
فإن أهل مكة أعلم بشعابها، وأهل الدار أدرى بما فيه، وإن أفضل مَنْ يطبق القاعدة هو من وضعها وحررها، ونظم شرائطها، وحدد حدودها.
فكان من اللازم الرجوع إلى كتب علل الحديث المتخصصة، والبحث عن أقوال أهل العلم على الأحاديث؛ لمعرفة كيفية تطبيقهم هم لتلك القواعد النظرية، التي يقوم عليها هذا الباب، ومعرفة فه تنزيلها على الروايات والأسانيد.
وليس هذا؛ جنوحاً إلى تقليدهم، ولا دعوة إلى تقديس أقوالهم، ولا غلقاً لباب الاجتهاد، ولا قتلاً للقدرات والملكات؛ بل هي دعوة إلى أخذ العلم من أهله، ومعرفته من أربابه، ودخوله في بابه وتحمله على وجهه.
فمن يظن، أنه بإمكانه اكتساب ملَكَةِ النقد، وقوة الفهم، وشفوف النظر، بعيداً عنهم، وبمعزل عن علمهم، وبمنأى عن فهمهم؛ فهو