للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[التدليس.. والمتابعة]

المدلِّس؛ إذا روى حديثاً، ولم يصرح بالسماع فيه من شيخه، فأردنا أن ندفع شبهة تدليسه لهذا الحديث، فلابد حينئذ بأن يجيء في رواية أخرى لهذا الحديث تصريح هذا المدلس بسماعه له من شيخه المذكور؛ بشرط أن يكون ذلك التصريح الوارد في الرواية الأخرى محفوظاً، وليس خطأ من قِبل بعض الرواة؛ كما سبق.

ولا تنفع حينئذ متابعة غيره له على رواية هذا الحديث عن هذا الشيخ، ولا أن يكون لمعنى حديثه من الشواهد ما يؤكد صحة المتن، بل لابد لإثبات سماعه للحديث أن يصرح بالسماع من شيخه في بعض الروايات.

وقد قال ابن رجب الحنبلي (١) :

" وكلام أحمد وأبي زرعة وأبي حاتم في هذا المعنى كثير جداً، يطول الكتاب بذكره، وكله يدور على أن مجرد ثبوت الرواية لا يكفي في ثبوت السماع، وأن السماع لا يثبت بدون التصريح به، وأن رواية من روى عمن عاصره، تارة بواسطة، وتارة بغير واسطة، يدل على أنه لم يسمع منه، إلا أن يثبت له السماع من

وجه ".

وذلك؛ لأن المدلس إذا لم نتحقق من سماعه لهذا الحديث بعينه من شيخه، ثم تابعه على رواية هذا الحديث عن هذا الشيخ غيره، لم تكن المتابعة ـ حينئذ ـ لذلك المدلس، بل للواسطة التي أسقطها بينه وبين شيخه.


(١) في " شرح العلل " (٢/٥٩٥) .

<<  <   >  >>