للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد يكون الرجل الذي أسقطه المدلس بينه وبين شيخه هو نفسه ذلك المتابع، كأن يكون المدلس إنما أخذ الحديث عن ذلك المتابع، عن شيخه، ثم أسقطه وارتقى بالحديث إلى شيخه، فرواه عنه مباشرة مدلساً إياه، وعليه؛ يعود الحديث إلى ذلك المتابع، ويبقى فرداً لا تعدد فيه، ولا متابعة.

فإذا انضاف إلى ذلك، أن يكون ذلك المتابع ضعيفاً، فقد رجع الحديث إلى مخرج ضعيف، لا تقوم به الحجة، وذلك يؤكد ضعف مخرج رواية المدلس (١) .

والشواهد أيضاً؛ لا تنفع في دفع التدليس؛ لأن الشواهد إنما تؤكد حفظ الراوي للمتن، أو لمعناه، والتدليس علة إسنادية، وحفظ الراوي للمتن أو معناه، لا يستلزم حفظه للإسناد، فإن صحة المتن واستقامة معناه، لا تستلزم صحة كل إسناد يُروى به هذا المتن (٢) .

فمثال المتابعة:

حديث: عمرو بن شعيب، قال: طاف محمد ـ جده ـ مع أبيه عبد الله بن عمرو، فلما كان سبعهما، قال محمد لعبد الله حيث يتعوذون: استعذ. فقال عبد الله: أعوذ بالله من الشيطان. فلما استلم الركن تعوذ بين الركن والباب، وألصق جبهته وصدره بالبيت، ثم قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع هذا.


(١) وهذا يقال في كل صور السقط، كالانقطاع وغيره.
وانظر: " العلل " لعبد الله بن أحمد (٢٦٢٥) .
(٢) انظر: " ردع الجاني " (ص ١٣٤) .

<<  <   >  >>