وعلى آل محمد، وعلى أزواجه وذريته، كما باركت على إبراهيم، إنك حميد مجيد.
لمَّا كان علم الحديث يعتمد على معرفة أحوال الرواة تعديلاً وتجريحاً، وأحوال الروايات تصحيحاً وتعليلاً، وكان السبيل إلى إدراك ذلك، اعتبار الروايات، وعرض بعضها ببعض، ليَظهر ما فيها من اتَّفاقٍ، أو اختلافٍ أو تفردٍ، ليُعامل كلٌّ بحسبه.
ولمَّا كان ذلك لا يتحقق إلا بكثرة البحث والتفتيش عن الأسانيد والروايات، في بطون الكتب، وصدور الرجال، كان للاعتبار عند المحدّثين أهميته البالغة، وضرورته القصوى.
فبالاعتبار، يُعرف الصحيح من الضعيف من الروايات، وذلك بالنظر في الطرق التي اعتُبِرت وسُبِرت، وعرضها على باقي الطرق والروايات في بابها، فيظهر الاتفاق، والذي هو مظنَّه الحفظ، والاختلاف أو التفرد، واللذان هما مظنَّتا الخطأ.
ثم تدور هذه الأحاديث في إطار قواعد وضوابط، تحوطها من كل جانب، وتعالجها من كل جهة، ومن خلالها يظهر الصحيح من الضعيف، والمحفوظ من غيره.
وبالاعتبار، يتبين حال رواة الحديث من حيث التوثيق والتجريح، فمن عُهد عليه الإصابة، وكثرة الموافقة للثقات، كان ثقةً مثلهم، ومن عُهِد عليه الخطأ، وكَثْرة المخالفة للثقات، أو التفرد والإِغْراب ورواية ما لا يعرفون، كان ضعيفاً في حفظه، وبقدر الموافقة والمخالفة بقدر ما