مما لا شك فيه، الراوي إذا روى ما يتابعه عليه غيره، فإن هذا يكون أدل على ضبطه لما روى.
أما إذا روى ما يخالفه فيه غيره، فإنه إن كان ممن لا تؤثر فيه المخالفة، لم يضره ذلك، أما إن كان ممن لم يبلغ في الحفظ والإتقان هذه المكانة، كانت المخالفة ـ حينئذ ـ قادحة في روايته، إذا كانت المخالفة ممن تؤثر مخالفته.
وربما جاءت روايات ظاهرة الاتفاق، ثم بعد التتبع والسبر، يتبين أن هذه الروايات ليست متفقة فيما بينها، بل هي مختلفة، فلا يحكم لها حكم الاتفاق، بل حكم الاختلاف.
وذلك؛ فيما إذا رُوي عن راويين حديث واحد، على الاتفاق في الإسناد والمتن معاً، ثم يتبين بعد السبر، أن بعض من دون أحد هذين الراويين أخطأ عليه، حيث روى حديثه مثل رواية الراوي الآخر، والصواب الذي يُعرف عند أصحاب هذا الراوي، أنه يروي الحديث على خلاف رواية الراوي الآخر، في الإسناد أو في المتن، فتبين بذلك أن المتابعة المزعومة معلولة بالمخالفة، وأن هذين الراويين مختلفان فيما بينهما في إسناد الحديث في أو متنه، وليسا متفقين.
وقد يقع ذلك حيث يقرن الراوي بين الراويين في الرواية، فيحمل رواية أحدهما على رواية الآخر على الاتفاق وهماً.