هو علي بن حفص فقط، وأن ما وقع في " مقدمة مسلم " إنما هو خطأ من أحد رواة " الصحيح "، لا ذنب لمسلم فيه، بدليل أن غيره من رواة " الصحيح " رووه مرسلاً على الصواب، كما ذكر أهل العلم.
ويؤكده: اتفاق الأئمة على أن علي بن حفص هو المتفرد بوصل هذا الحديث عن شعبة، لم يتابعه أحد على وصله، وأن سائر أصحاب شعبة ـ بما فيهم معاذ العنبري وابن مهدي ـ إنما رووه عنه مرسلاً، بدون ذكر " أبي هريرة "(١) .
***
[المتابعة.. وما لا يجيء]
قد تجيء متابعة من راو لآخر عن شيخ من الشيوخ، فيرى أهل العلم أن هذه المتابعة خطأ، والصواب أن الحديث حديث الرجل الأول؛ وهذا تقدم التنبيه عليه.
لكن؛ أحياناً يستدل أئمة الحديث على عدم صحة هذه المتابعة بغرابة الإسناد، من حيث أن رواية هذا المتابع عن هذا الشيخ لا تعرف، ولا تجيء في الأحاديث، فيقولون في إعلال مثل ذلك:" فلان عن فلان لا يجيء "، أو " فلان لا يُعرف بالأخذ عن فلان " ونحو هذا.
ويقوي الإعلال بذلك؛ حيث يكون هذا الراوي المتابع مشهوراً، معروفاً بكثرة الحديث والأصحاب، ثم لا يجيء روايته عن هذا الشيخ إلا من طريق غريبة، يتفرد بها من ليس معروفاً بالحفظ، أو ليس من أصحابه الملازمين له، والعارفين بحديثه.
فالذي لا يفطن لذلك، يظن أن الحديث ثابت عن الرجلين، فيثبت بمقتضى ذلك المتابعة، ويدفع التفرد؛ وليس كذلك.
وبطبيعة الحال؛ فإن الأئمة لا يقصدون في هذه المواضع إعلال الحديث بالانقطاع بين هذا الراوي المتابِع وبين شيخه، وإنما العلة عندهم ممن دون هذا الراوي، فهو لم يثبت عنه حتى يُعل بعدم سماعه من شيخه.