قد يتتابع بعض الرواة على رواية حديث إسناداً ومتناً، ويخالفهم من هم أولى بالحفظ منهم، فيرجح الأئمة رواية الحفاظ، وإن كان الأولون جماعة يبعد على مثلهم الخطأ عادة.
إلا أن الأئمة يرون أن هؤلاء الجماعة وإن اتفقوا، إلا أن ما اتفقوا عليه مما يسهل أن تتوارد عليه الأذهان، وأن يتفق على الخطأ فيه الجماعة، كأن تكون روايتهم جارية على الجادة المعهودة، ورواية الحفاظ على خلاف الجادة.
فحماد بن سلمة ـ مثلاً ـ؛ إذا روى عن ثابت البناني، غالباً ما يكون الحديث:"عن ثابت، عن أنس"، فإذا روى حافظ أو أكثر عن حماد بن سلمة حديثاً عن ثابت مرسلاً، ووجدنا عدداً من الضعفاء، أو ممن ليسوا مبرزين في الحفظ؛ رووا الحديث، فقالوا:"عن حماد، عن ثابت، عن أنس"، عرفنا أن من وصل الحديث بذكر أنس إنما سلك الجادة، فأخطأ، وأن من لم يسلكها إنما حفظ الحديث على وجهه.
ويقع ذلك أيضاً بكثرة في مثل:"محمد بن المنكدر، عن جابر"، و "الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة"، و "مالك، عن نافع، عن ابن عمر"، و "الزهري، عن سالم، عن ابن عمر"، وأمثلة هذا كثيرة، يعرفها من له اعتناء بهذا الباب.