كثيراً ما يساق في باب الاعتبار أسانيد متعددة لمتن واحد، ولا شك أن تعدد الأسانيد للمتن الواحد مما يقويه، ويؤكد كونه محفوظاً عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
إلا أنه يكثر في هذا الباب التساهل في الأسانيد، وعدم مراعاة العلل الخفية التي تفضي إلى اطراح هذه الأسانيد ـ أو بعضها ـ، وعدم اعتبارها، أو الاعتداد بها، لتقوية الحديث.
وذلك؛ كأن يكون المتن مشهوراً عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإسناد معين، فيخطئ بعض الرواة، فيرويه بإسناد آخر، يُروى به متن آخر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فيظن الناظر أنهما إسنادان لمتن واحد، ولا يفطن لكون هذا الإسناد الآخر خطأ، وأنه مركب على هذا المتن، وليس هو إسناده.
فهذا الإسناد الآخر؛ قد يكون في نفسه صحيحاً؛ لاتصاله وثقة رواته، والمتن كذلك قد يكون صحيحاً مستقيماً بإسناده المعروف به، إلا أن العلة عند أهل العلم في رواية هذا المتن بهذا الإسناد خاصة.
وقد لا يكون المتن صحيحاً بإسناده الذي يُعرف به؛ لعلة فيه من ضعف في بعض رواته، أو انقطاع في إسناده؛ فلما رواه ذاك المخطئ ذلك الإسناد الصحيح، ظهر وكأنه إسناد آخر للحديث، فيصحح به، وليس الأمر كذلك؛ لما سبق.