ظالم لنفسه، لم يبذل لها النصح، ولم يبغ لها الصلاح والتوفيق، ولا أنزل القوم منازلهم، ولا قَدَرَهم أقَْدارهم.
فهم أهل الفهم، وأصحاب الملكات، وذوو النظر الثاقب، فمن ابتغى من ذلك شيئاً، فها هو عندهم، وهم أربابه، فليأْخذه منهم، وليأخذ بحظ وافر.
فمن تضلع في علمهم، واستزاد من خيرهم، وتشربهم من فقههم، واهتدى بهديهم، واسترشد بإرشادهم، سار على دربهم، وضرب على منوالهم؛ فهو الناصح لنفسه، المُبتغي لها الصلاح والتوفيق، وهو من السابقين بالخيرات بإذن الله تعالى.
ولله دَرُّ الحافظ ابن رجب الحنبلي، حيث أوضح في كلمات قلائل، أنَّ سبيل تحصيل المَلَكة، إنما هو مداومة النظر في مطالعة كلام الأئمة العارفين، للتفقه بفقههم، والتفهم بفهمهم.
يقول ابن رجب (١) :
" ولا بد في هذا العلم من طول الممارسة، وكثرة المذاكرة، فإذا عَدِمَ المذاكرة به، فليُكثر طالبه المطالعة في كلام الأئمة العارفين؛ كيحيى القطان، ومن تلقى عنه كأحمد وابن المديني وغيرهما؛ فمن رُزِق مطالعة ذلك وفهمه، وفَقُهَتْ نفسه فيه، وصارت له فيه قوة نفس، ومَلَكة، صَلُحَ له أن يتكلم فيه".