للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

، ليس من باب التحسين المصطلح عليه، والذي جرى عليه عرف الأئمة المتأخرين، والذي يقتضي أن الراوي المتفرد بالحديث صدوق الحفظ، وأن الحديث حجة وثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ وإنما هو تحسين جارٍ على اصطلاح العلماء المتقدمين، حيث يطلقون " الحسن " أحياناً ويريدون به الحسن المعنوي، وأحياناً أخرى يريدون به الغرابة والنكارة.

وكلا المعنيين لا يدل على ثبوت الحديث الذي وصفوه بهذا الوصف " الحسن "، ولا على صدق الراوي الذي تفرد به في حفظه وضبطه.

هذا؛ ولنذكر أمثلة من كلام الأئمة، لما أطلقوا فيه لفظ " الحسن " على إرادة الحسن المعنوي، أو إرادة الغريب والمنكر.

ولنبدأ بذكر أمثلة عن الأئمة عامة، ثم نردفها بأمثلة عن الإمام الدارقطني خاصة.

فمن ذلك:

أن الخطيب البغدادي روى في كتابه " الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع " (١) عن إبراهيم بن يزيد النخعي، أنه قال:

" كانوا يكرهون إذا اجتمعوا، أن يخرج الرجل أحسن حديثه، أو أحسن ما عنده ".

قال الخطيب:

" عنى إبراهيم بالأحسن: الغريب؛ لأن الغريب غير المألوف يُستحسن أكثر من المشهور المعروف، وأصحاب الحديث يُعبِّرون عن المناكير


(١) " الجامع " (٢/١٠١) .

<<  <   >  >>