" وإنما كره أحم تطلب الطرق الغريبة الشاذة المنكرة، وأما الطرق الصحيحة المحفوظة، فإنه كان يحث على طلبها ".
قلت: هذا؛ مع أن هذه الطرق من حيث الظاهر صحيحة، ولم يخالف أبو كريب فيها، بل تفرد بها فحسب، وهو ثقة، ومع ذلك قد أنكرها أحمد ـ كما ترى ـ غاية الإنكار، وذكر ابن رجب في شرحه لكلامه أن هذه الطريق شاذة منكرة، ومعنى ذلك: أنها خطأ لا شك في ذلك، عليه؛ فلا اعتبار بها ولا اعتداد.
وقد قال البخاري:
" كنا نرى؛ أن أبا كريب أخذ هذا عن أبي أسامة في المذاكرة ".
قال ابن رجب:
" قول البخاري هاهنا تعليل للحديث؛ فإن أبا أسامة لم يرو هذا الحديث عنه أحد من الثقات غير أبي كريب، والمذاكرة يحصل فيها تسامح؛ بخلاف حال السماع والإملاء ".
مثال آخر:
حديث: شبابة، عن شعبة، عن بكير بن عطاء، عن عبد الرحمن بن يعمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أنه نهى عن الدباء والمزفت.
فإن نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الانتباذ في الدباء والمزفت؛ صحيح ثابت عنه؛ رواه جماعة من أصحابه ـ رضي الله عنهم جميعاً ـ، وأما رواية عبد الرحمن بن يعمر عنه، فغريبة جداً، ولا تعرف إلا بهذا الإسناد