الخلاف ـ ولمَّا يظهر بعد رجحان وجه من الوجوه ـ؛ كل هذه الأسباب يُخشى وقوع الخلل في الرواية من قِبَلِها، ولكن الخلل ليس ملازماً لها؛ فقد يكون مخرج المرسل صحيحاً، وقد يكون سيء الحفظ لم يؤثر عليه سوء حفظه في هذا الحديث خاصة، وقد يكون هذا الخلاف الواقع في الرواية من الخلاف الذي لا يقدح، أو يكون الراجح منه ما ينفع الحديث ولا يضره؛ وذلك كله حيث لا يكون في الحديث علة أخرى (١) .
فإذا كان حال الحديث هكذا، يُحتمل أن يكون صواباً، ويُحتمل أن يكون خطأً، من غير رجحان لجانب من الجانبين، كان ـ حينئذٍ ـ صالحاً للاعتبار.
والهدف من اعتبار مثل هذا؛ ترجيح أحد الجانبين، فإذا وُجد متابع يدفع عن الراوي ريبة التفرد، أو شاهد يؤكد حفظه للمتن أو لمعناه، رجح جانب إصابته فيما توبع عليه، أو فيما وُجد له شاهد، من الرواية؛ كلها، أو بعضها.
وإذا وُجد مخالف له، ممن تؤثِّر مخالفته، أو شاهد كذلك بخلاف ما روى، ترجح جانب خطئه في روايته، وقوي جانب الرد لها، فتُلحق ـ حينئذٍ ـ بالمناكير والشواذ.
وإذا لم يوجد؛ لا هذه، ولا تلك: ما يشهد له، ولا ما يخالفه، كان الحديث فرداً، ورجح جانب الخطأ فيه، فيكون منكراً؛ لتفرد من لا
(١) راجع: "الموقظة" للذهبي (ص٣٩) و "النكت على ابن الصلاح" لابن حجر (٢/٥٦٩) و "حجاب المرأة المسلمة" للشيخ الألباني (ص١٩ـ٢٠) و "جلبابها" له أيضاً (ص٤٤) .