للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبو الحسن الدارقطني (١) : "كان شعبة يخطئ في أسماء الرجال كثيراً، لتشاغله بحفظ المتون"؛ فإذا كان هذا شأن شعبة بن الحجاج، وهو من هو، فما ظنك بمن هو دونه في الحفظ والإتقان والتثبت؟! .

وأكثر أخطاء الرواة تقع في الأسانيد؛ ولهذا تجد أكثر العلل التي ذكر أهل العلم أنها تقع في الروايات، تجده خاصة بالإسناد، والقليل جداً منها مما يقع في المتن، وما يشتركان فيه تجد أمثلته في الأسانيد أكثر منه في المتون. ...

فرفع الموقوف، ووصل المرسل، وقلب الرواة، ودخول إسناد في إسناد، وزيادة رجل فيه أو نقصانه، والتصحيف في أسماء الرواة؛ كل ذلك وغيره إنما يعتري الأسانيد، ويختص بها.

وأكثر أخطاء الثقات من هذا القبيل، أما الضعفاء، الذين لم يُعرفوا بالحفظ؛ فإن أخطاءهم في الأسانيد أكثر من أن تُحصر؛ ولهذا تجد أئمة الحديث الذين صنفوا في ضعفاء الرواة؛ كالعقيلي وابن عدي وابن حبان، تجدهم يسوقون في تراجم الضعفاء بعض الأحاديث التي أخطئوا فيها، واستُنكرت عليهم؛ والمتتبع لهذه الأخطاء، وتلك المناكير، يجد أكثرها أخطاء في الأسانيد (٢) والقليل منها مما يتعلق بالمتون.

وفي هذا الكتاب الذي بين يديك عشرات من الأحاديث التي أخطأ بعض الثقات أو الضعفاء في أسانيدها، دون متونها، فأتوا لها بأسانيد


(١) قلت في كتابي "ردع الجاني" (ص ١٤٣) : "أبو الفضل الدارقطني"، وهذا سبق قلم مني، لا أدري كيف وقع! إنما هو "أبو الحسن".
(٢) انظر مثلاً "الكامل" (٣/١١٦٤ـ١١٧٨) (٤/١٤١٩) (٥/١٨٠٩، ١٨١٠) .

<<  <   >  >>