إذ كيف يعقل أن الحديث ثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو لم يثبت أصلاً عمن رواه عنه؟! إن هذا غير معقول، ولا مقبول.
أليس ثبوت هذا الحديث عن هذين الصحابيين فرعاً من ثبوته عمن رواه عنهما؟!
فإذا لم يكن ثبت عمن رواه عنهما، فكيف يثبت عنهما؟! إن هذا دونه خرط القَتَاد!!
فالذي يُثبت بمقتضى الرواية الأولى أن الزهري حدث بهذا الحديث عن سالم عن ابن عمر، فهو بذلك قد احتج بالراوي الضعيف في إثبات هذا الإسناد لهذا المتن.
وهذا احتجاج؛ ليس من الاستشهاد بسبيل.
والذي يثبت بمقتضى الرواية الثانية، أن ثابتاً بالبناني حدث بهذا الحديث عن أنس بن مالك، فهو أيضاً قد احتج بالضعيف.
نعم؛ لو أن هذين الضعيفين اتفقا على الإسناد كما اتفقا على المتن، فرويا المتن بإسناد واحد، من شيخهما فصاعداً، لكان لنا معهما شأن آخر، ولاتَّجه بنا البحث وجهة أخرى.
لأنهما ـ حينئذ ـ قد اتفقا بالفعل، وتابع كل منهما الآخر على الرواية إسناداً ومتناً، فلم يتفرد أحدهما، لا بالإسناد ولا بالمتن، أما أن يتفرد كل منهما بإسناد للمتن، ونسمي ذلك اتفاقاً؛ فليس بشيء.
***
نعم؛ إن التساهل في اعتبارات الروايات، إنما يقل خطره، بل ربما