وتستوعَب في هذا التكوين, ومتى تَمَّ استيعابها فإنِّها تميل لتغيير التكوين بدرجةٍ ما، ومن خلال هذا التغيير تجعل من الممكن حدوث امتدادات تواؤمية أخرى. كما أنَّ التكوينات الاستيعابية -وكما ستدلل على ذلك مناقشة الموجزات الشكلية- ليست ثابتة أو غير متغيرة، حتَّى في حالة عدم وجود إثارة بيئية. إن نظم المعنى تجرى دائمًا إعادة تنظيمها داخليًّا وإدماجها في نظم أخرى, وهكذا فإنَّ كلا نوعي التغيير إعادة تنظيم الأصول الداخلية, وإعادة التنظيم التي تحدث إلى حدٍّ ما بطريقة مباشرة بوساطة محاولات تواؤمية جديد، يجعلان من الممكن تحقيق تغلغل عقلي مطَّرد في طبيعة الأشياء, ومرة ثانية فإن كلًّا من اللامتغيرين بعد الآخر بطريقة تبادلية, أي: إن التغيرات في التكوين الاستيعابي توجه تواؤمات جديدة، والمحاولات التواؤمية الجديدة تنشّط التنظيمات التكوينية".
وعندما يتحدث بياجيه عن المتعلِّم النشط، فهو يشير إلى عمليتي التواؤم والاستيعاب الخاصة بالتركيب العضوي "الفرد". ولذلك فإن بياجيه ليس في حاجة إلى استخدام مفاهيم مثل: البواعث incentives "المثيرات" أو المعززات reinforces لكي يولّد مصدر طاقة للتغير المعرفي "من المحتمل أن بياجيه لم يكن لينكر أن المثيرات المعززة أو الحاثة ذات أهمية في تشكيل أداء الأطفال، ولكن لا يرى أن مثل هذه المفاهيم لها تأثير حاسم على النمو المعرفي".
ب- اكتساب المعرفة:
إذا اعتبرنا أن الاستيعاب والمواءمة يصلحان كعمليات أساسية تبادلية يمكن من خلالها حدوث النمو المعرفي، فإن تساؤلًا يمكن أن يثار، وهو كيف يتصوَّر بياجيه اكتساب المعرفة؟ وكما أشرنا سابقًا في المثال الخاص بمعرفة الطفل لأسماء الألوان بالمثالية مع معرفته لترتيب الألوان في بعد معين، فإن بياجيه لا يهتم بأي