للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثمة إجراء أكثر إنتاجية لبحث مكونات المثير الحاسم في النمو يسمى باستراتيجية الحرمان deprivation strategy. وفي هذه المعالجة يحرم التركيب العضوي "الفرد" من جهاز إحساس كامل لفترة طويلة من الوقت. ولعل الدراسة التي قام بها أوستن ريزن Austin Risen "١٩٧٤" في هذا المجال تعتبر دراسة قياسية. لقد قام بتربية شمبانزي في الظلام منذ ولادته إلى ما قبل بلوغه النضج الكامل مباشرة.. وافترض أنه: إذا كانت البيئة لا تلعب دورًا في نمو القدرات الخاصة بالنوع، فإن الشمبانزي الذي ربي في الظلام لا يتوقع له أن يظهر فروقًا عن الشمبانزي الذي ربي تربية طبيعية. وحتى بعد إجراء التصحيحات اللازمة لضمور الأعصاب، وجد أن الشمبانزي ظل أعمى وظيفيًا رغم أن الجهاز العصبي البصري كان سليمًا. وفي دراسة نيسن وآخرون Nissen et al ربي شمبانزي يدعى "روب" بطريقة حرمته من الاحساسات الحركية العضلية "انظر الشكل "١٢": لقد لفت يديه وقدميه بالأربطة وهو في سن ٥ أسابيع وحرم تمامًا من الإثارة لليدين والقدمين. وقد أجري اختباره دوريًا، وأخيرًا أزيلت الأربطة وهو في سن ٣١ شهرًا، وبمقارنته بالشمبانزي الآخر، وجد أنه يمشي مشية جانبية ولكنه لم يستطع استخدام المثير الحسي العضلي مثال ذلك: إنه عندما أثيرت منطقة الجذع أو الرأس لم يرفع أصابعه إلى موضع الإثارة كما تفعل الحيوانات الأخرى، كما أنه لم يبد سلوك التودد بالملاحظ المميز من الإمساك أو التعلق بالملاحظ الذي كان يحمله، أو يظهر أي من حركات الشفاة والأصوات التي تصدرها حيوانات هذه الفصيلة، كما أن حركات التنقيب بالأصبع لم تكن على شيء من الدقة والمثابرة المميزة لهذا السلوك.. وأخيرًا تعلم "روب" أن يوجه أصبعه إلى مكان معين بسرعة ودقة، أما غير ذلك من السلوك الفطري فلم يظهر. هذا وليس المقصود من هذه المعطيات أن الحيوانات كانت محرومة تمامًا من البيئة، لأن مثل هذه الحالة مستحيلة.

شكل "١٢" "روب" في وضع الجلوس والأربطة الإسطوانية في مواضعها، ويتضح تأثير الأرجل العرجة المعيقة للإحساس الحركي العضلي

<<  <  ج: ص:  >  >>