إن الافتراض بأن التكوينات العصبية المبرمجة وراثيًا تحتاج لمثير خارجي لتحقيق أقصى نمو، هنا الافتراض قد بحثه هب Hebb بحثًا مستفيضًا. وقد اقترح أنه من خلال عمله بيوكيماية معقدة، فإن انطلاق الألياف العصبية في الواقع يؤذن بانطلاق نموها. إن الأبحاث الحديثة في بيوكيمياء النقل في تشابك أطراف الألياف العصبية التي تمر من خلالها النبضات، وإن كان ذلك لا يتعلق إلا جزئيًا بافتراضات هب Hebb، هذه الأبحاث توحي بأنه كان على صواب "Rosenzweio, Bennett & Diamond, ١٩٧٢". وفي إحدى هذه التجارب، مثلًا: وجد أنه بين الفئران تشابه شديد يرتبط بمستوى عالٍ من الإثارة الزائدة مع الأمخاخ الأكبر وزنًا. وقد حدث أقصى نموه في المناطق البصرية من المخ، ويبدو أن السبب في ذلك أن المثير الأكبر كان بصريًا. ويجب أن نلاحظ أن الحيوانات المثارة وحيوانات المراقبة "الضابطة" كانت متطابقة في تكويناتها الوراثية. وعلى ذلك فإن الفروق يمكن أن تعزى إلى الأحداث البيئية.
وتدل هذه الدراسات على أن تأثيرات البيئة مهمة للنمو الطبيعي، وعلى الأقل في القدرات الحسية. ولعله من الحقيقة أن الحرمان الشديد يؤثر أيضًا على الأنشطة الحركية. وهكذا فمن الواضح أن النمو الطبيعي يتطلب تركيبًا عضويًا كاملًا وبيئة مثيرة واستجابية.
الدلائل الاكلينيكية:
لقد أكد هذا الفصل على العلاقة بين النمو التكويني والسلوك. وقد أوضحنا أن النمو يتضمن تشابكًا معقدًا لأنماط فعل، وقد افترض أن تنسيق أنماط الفعل هو نتيجة للنضج الجسماني، وخاصة النمو العصبي، والعضلي العصبي. وقد عرضت المادة كأساس لفهم التغيرات النمائية في مجالات سلوك أكثر تعقيدًا، بما في ذلك المعرفة، والإدراك، واللغة، والسلوك الاجتماعي. وكما أوضح جيزل وتانر Gesell & Tanner، فإن المبادئ الأساسية للنمو العصبي الجسماني وتضميناتها بالنسبة للسلوك لا تتوقف مع بداية المشي أو في سن ٦ أو ٩ أو ١٣ سنة.