طويلًا، ولذلك فإن التكوينات الوراثية للباقين على قيد الحياة تصبح قابلة للتكيف تدريجيًّا.
٤- السلوك غير المتعلّم:
إن نظرية التطور مستمدة من مبادئ الانتقال الوراثي، وتفترض أن السلوك التكيفي adaptive behavior مظهر لتكوين وراثي محدَّد يكمن خلفه, وهذ الأنماط السلوكية تكتسب قدرتها على التكيف من خلال التطور، وهي محددة فطريًّا, أي: إنها مبرمجة وراثيًّا وغير متعلمة، والعلماء الذين يدرسون السلوك في صورته الطبيعية ويركزون على مكوناته التي تبدو غير متعلمة, يطلق عليهم علماء أطوار البشر ethnologists مثل تينبرجن tinbergen "١٩٥١"، كيو kuo "١٩٧٢"، هس hess "١٩٧٠"، لورنز lorenz "١٩٦٥"، وكثيرون غيرهم.. وقد أسهم هؤلاء بالكثير من تفهمنا لتفاعل المتطلبات البيئية والسلوك الفطري، وأظهروا كيف تعمل المثيرات البيئية كمؤشرات على الاستجابات الفطرية، علاوة على ذلك كيف تكون هذه الاستجابات تكيفية؟ ويقدم علماء الصفات الإنسانية ملاحظاتهم في إطارات طبيعية, وذلك بسبب كثرة المثيرات الموجودة في الطبيعة بالمقارنة بالقليل منها في المعمل، ومن خلال عملية ملاحظة السلوك الجاري دراسته وهي عملية تتسم أحيانًا بالمشقة ... وهم يرون أن الإناس تركيب عضوي بيولوجي، وأن له تاريخًا تطوريًّا, وأن أفراد النوع الإنساني لديهم حصيلة قديمة من الأنماط سلوكية فطرية كانت في وقت ما هي الضمان لبقاء التركيب العضوي، حتى بدون مساعدة التعلُّم الاجتماعي أو العادات الاجتماعية.. وبعض هذ الأمثلة للأنماط السلوكية الفطرية تتضمَّن عناصر من السلوك الجنسي والسلوك العدواني، والاستجابات الاجتماعية الفطرية.
إن معرفة هذه الجوانب كجزء من تراثنا لها أهميتها، وذلك لأننا بالنسبة للتاريخ التطوري للإنسان لسنا بعيدين عن الوقت الذي لم تكن توجد فيه تأثيرات ثقافية واسعة الانتشار على السلوك, وبدون أنماطنا السلوكية الراسخة فينا، فإننا كنوع لم تكن لنتمكن من البقاء مليون سنة.