للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- موقفه من الفتنة:

لم يتغير أنس لعثمانَ ولا لعلي في الفتنة، ولم ينضم إلى أحد الفريقين، ولم يشترك في محاربة أحدهما، وقد صرح بأن الله تعالى منحه حبهما جميعًا.

قال حميد عن أنس: يقولون: لا يجتمع حب علي وعثمان في قلب، وقد جمع الله حبهما في قلوبنا١.

- إيذاء الحجاج بن يوسف الثقفي له:

كان أنس -رضي الله عنه- يقف للحجاج بالمرصاد، وكان يؤلب عليه كلما وجد منه خطأ؛ ولذلك كان إيذاء الحجاج له وإهانته إياه.

قال جعفر بن سليمان: حدثنا علي بن زيد قال: كنت بالقصر، والحجاج يَعرِض الناسَ ليالي ابن الأشعث، فجاء أنس فقال الحجاج: يا خبيث، جوَّال في الفتن ... ، مرة مع علي، ومرة مع ابن الزبير، ومرة مع ابن الأشعث، أما والذي نفسي بيده، لأستأصلنَّك كما تُستأصل الصَّمْغَة، ولأجردنك كما يُجرَّد الضب. قال: يقول أنس: من يعني الأمير؟ قال: إياك أعني أصمَّ الله سمعك. قال: فاسترجع أنس، وشُغل الحجاج، فخرج أنس، فتبعناه إلى الرحبة فقال: لولا أني ذكرتُ ولدي وخشيت عليهم بعدي، لكلمته بكلام لا يستحييني بعده أبدًا٢.

قال الأعمش: كتب أنس إلى عبد الملك بن مَرْوان -يعني: لما آذاه الحجاج: إني خدمتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تسع سنين، والله لو أن النصارى أدركوا رجلًا خدم نبيهم لأكرموه٣.


١ سير أعلام النبلاء "٣/ ٤٠٥".
٢ أخرجه الطبراني في المعجم الكبير "٧٠٤"، وفي إسناده علي بن زيد بن جدعان ضعيف، وأعله الهيثمي في مجمع الزوائد "٧/ ٢٧٤"، وانظره في سير أعلام النبلاء "٣/ ٤٠٢، ٤٠٣".
٣ سير أعلام النبلاء "٣/ ٤٠٢".

<<  <   >  >>