هو: محمد بن عيسى بن سورة بن موسى الترمذي، أحد الأئمة الحفاظ المبرزين، تلميذ الإمام البخاري، ومشاركه فيما يرويه في عدة من مشايخه "مثل: قتيبة بن سعيد، وعلي بن حُجْر، وابن بشار، وغيرهم". سمع منه شيخه البخاري وغيره، وكان مبرزًا على الأقران، آية في الحفظ والإتقان، طاف البلاد، وسمع خلقا كثيرًا من الخراسانيين، والعراقيين، والحجازيين، وغيرهم؛ ولهذا كله اتسعت معرفته بعلوم الحديث رواية ودراية، ولم يكن راوية للحديث فقط، وإنما جمع إلى ذلك الفقه واستنباط الأحكام الشرعية، والوقوف على الآراء الفقهية المختلفة للأئمة، ونقد بعضها أحيانًا ...
- شيوخه وتلاميذه:
أدرك الترمذي كثيرًا من قدماء الشيوخ وسمع منهم، وكان عصره عصر النهضة العلمية العظيمة في علوم الحديث، وهي النهضة التي نرى أن الذي أثارها -أو كانت له اليد الطولى في إحيائها وبعثها- هو الإمام محمد بن إدريس الشافعي المطلبي ناصر الحديث "١٥٠-٢٠٤هـ"؛ إذ علَّم الناس عامة، وأهل العراق ثم مصر خاصة، معنى الاحتجاج بالسنة، ومعنى العمل بها مع القرآن، وحدد أصول ذلك وحررها، وأقام الحجة على مناظره بوجوب الأخذ بالحديث وأفحمهم، وعن ذلك ترى أن الأئمة أصحاب الكتب الستة نبغوا في الطبقة التالية لعصر الشافعي مباشرة، وإن لم يدركوه رؤية وسماعًا لتقدم موته؛ ولكنهم أدركوا أقرانه