ثانيًا: طريقة العلماء في خدمة الحديث الشريف في هذه الفترة
عكف علماء الحديث في هذه الفترة على كتب السابقين، فتناولوها بالترتيب، والانتقاء، والتخريج، والتهذيب، والجمع بين الكتب، وعمل الأطراف، وإخراج الزوائد، وإليك توضيح ذلك:
أولًا: تخريج أحاديث بعض المصنفات والمؤلفات المختلفة
معظم العلماء لم يهتموا بتخريج الأحاديث التي تشتمل عليها مصنفاتهم في التفسير، أو العقيدة، أو الفقه، أو التصوف، ونحوها، وأيضًا لم يهتموا ببيان درجتها من صحة أو ضعف، فاهتم بعض العلماء في هذه الفترة بجمع أحاديث بعض هذه المصنفات في مصنف مستقل وبيَّن درجتها، ومن أمثلة ذلك:
١- تخريج أحاديث تفسير الكشاف: للحافظ جمال الدين أبي محمد عبد الله بن يوسف بن محمد الزيلعي نسبة إلى زيلع "ميناء على ساحل البحر الأحمر"، الحنفي، المتوفى بالقاهرة سنة "٧٦٢هـ"، استوعب ما في الكشاف من الأحاديث المرفوعة التي يذكرها الزمخشري على سبيل الإشارة، ولم يتعرض غالبًا للآثار الموقوفة، وهو غير الزيلعي عثمان بن علي بن محمد شارح الكنز في فقه الحنفية المتوفى سنة "٧٤٣هـ". كان جمال الدين الزيلعي هذا مرافقًا لزين الدين العراقي في مطالعة الكتب الحديثية لتخريج الكتب التي كانا قد اعتنيا بتخريج أحاديثها، فالعراقي خرج أحاديث الإحياء للغزالي، والأحاديث التي يشير إليها الترمذي في كل باب، والزيلعي خرج أحاديث الكشاف وأحاديث الهداية في فقه الحنفية.
٢- الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشاف: للحافظ ابن حجر العسقلاني، لخصه من تخريج الزيلعي، وزاد عليه ما أغفله من الأحاديث المرفوعة والآثار الموقوفة، وهذا الكتاب مطبوع مع آخر جزء من الكشاف.
٣- تخريج أحاديث المختصر: لابن الحاجب في الأصول لابن حجر، وابن الملقن، ومحمد بن أحمد بن عبد الهادي المقدسي المتوفى سنة "٧٢٤هـ".