للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل السابع: منهج الصحابة في رواية الحديث الشريف]

عرَف الصحابة منزلة السُّنَّة، فتمسكوا بها، وتتبعوا آثار الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأبَوْا أن يخالفوها متى ثبتت عندهم.

واحتاطوا في رواية الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- خشية الوقوع في الخطأ، وخوفًا من أن يتسرب إلى السُّنَّة المطهرة الكذبُ أو التحريف، وهي المصدر الثاني للتشريع الإسلامي بعد القرآن الكريم؛ ولهذا فإن الصحابة -رضوان الله عليهم- اتَّبعوا كل سبيل يُمكِّنهم من حفظ السُّنَّة المطهرة.

وكان سيدنا عمر شديد الإنكار على مَن أكثر الرواية وكان يأمر بأن يُقِلوا من الرواية، يريد بذلك ألا يتسع الناس فيها حتى لا يدخلها الشوب، ويقع التدليس والكذب من المنافق والفاجر.

وقد كان المنهج العام عند الصحابة هو: التشدد في رواية الحديث، والتثبت في السماع، والتروي في الأداء لأسباب؛ أهمها: حتى لا ينصرف الناس عن الحفظ الجيد للقرآن الكريم، وخشية الخطأ أو وقوع التحريف، ويتضح ذلك خلال العرض الآتي: تشدد عمر بن الخطاب في رواية الحديث الشريف، فحمل الناس على التثبت مما يسمعون، والتروي فيما يؤدون، فكان له الفضل الكبير في صيانة الحديث من الشوائب والدخل.

ويصور لنا أبو هريرة -رضي الله عنه- محافظة الصحابة على السُّنَّة في عهد عمر بإجابته عن سؤال طرحه عليه أبو سلمة، قال له: أكنتَ تحدث في زمان عمر هكذا؟ فقال: لو كنت أحدث في زمان عمر مثل ما أحدثكم لضربني بمخفقته. وفي رواية قال: لقد حدثتكم بأحاديث لو حدثتُ بها زمن عمر لضربني عمر بالدرة١.


١ جامع بيان العلم وفضله "٢/ ١٢١".

<<  <   >  >>