للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصل الثالث: جهود التابعين في توثيق السُّنَّة وحفظها وتدوينها في النصف الأول من القرن الثاني الهجري

كانت الفتنة التي وقعت في آخر عهد سيدنا عثمان بن عفان -رضي الله عنه- نقطة انعطاف ومرحلة تحول؛ حيث انتسب إلى الإسلام قلة من الرجال ضعيفي الإيمان، أباحوا لأنفسهم الكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نُصرةً لبدعتهم وأهوائهم.

فكان على التابعين واجب القيام بكشف حديث هؤلاء وبيانه والتنبيه عليه والتحذير منه.

"وكانت الوسيلة لنقل سُنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هي الرواية، وكان معيار صدق الحديث أو وضعه هو صدق ناقليه أو كذبهم"١.

وتتجلى جهودهم ومظاهر هذا الاهتمام والتحري الشديد والحيطة فيما يلي:

١- اهتموا بدراسة الرجال رواة الأحاديث:

ونقدهم وبيان ما فيهم من جرح وتعديل، ولم يقبلوا الحديث إلا عن ثقة معروف بالعدالة، وكما قال الشافعي: "كان ابن سيرين وإبراهيم النخعي وطاوس وغير واحد من التابعين يذهبون إلى ألا يقبلوا الحديث إلا عن ثقة يعرف ما يروي ويحفظ، وما رأيت أحدًا من أهل الحديث يخالف هذا المذهب"٢.

٢- اهتموا بالإسناد فوقفوا على حال رواته:

قال ابن سيرين: "لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة قالوا: سموا لنا رجالكم، فينظر إلى أهل السُّنَّة فيؤخذ حديثهم، وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم"٣.


١ المدخل إلى توثيق السُّنَّة "ص٤٨".
٢ السُّنَّة قبل التدوين "ص٢٣٧"، والمدخل إلى توثيق السُّنَّة "ص٤٩٨".
٣ صحيح مسلم بشرح النووي "١/ ٧١".

<<  <   >  >>