للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأقوال العلماء المشهود لهم بالفضل والعلم في مكانة عائشة -رضي الله عنها- العلمية تعكس إمامة عائشة -رضي الله عنها- فيما ورثته من العلم النبوي، فقد كانت من القلة القليلة التي حظيت بهذا المركز المرموق، وكان يأتيها صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسألونها عن عويص العلم ومشكله، فتجيبهم جوابًا مشبعًا بروح التروي والتحقيق، وقد شهد لها بهذا أبو موسى الأشعري إذ قال: "ما أُشكل علينا -أصحابَ محمد- أمر فسألنا عنه عائشة إلا وجدنا عندها فيه علم"١.

وكانت بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- قد استقلت بالفتوى مدة خلافة أبي بكر وعمر إلى أن تُوفيت٢.

- علمها بالطب والشعر وأخبار العرب:

وكما كانت عائشة مرجعًا مهمًّا في الشئون الفقهية والتشريعية وكبيرة محدثات عصرها، كانت من أبرع الناس في الطب والشعر وأحاديث العرب وأنسابهم، قال ابن أختها عروة بن الزبير: "لقد صحبت عائشة فما رأيت أحدًا قط كان أعلم بآية نزلت، ولا بفريضة، ولا سنة، ولا بشعر، ولا أروى له، ولا بيوم من أيام العرب، ولا بنسب، ولا بكذا ولا كذا، ولا بقضاء، ولا طب منها، فقلت لها: يا خالة، الطب من أين تعلمتيه؟ فقالت: كنت أمرض فيُنعت لي الشيء، أو يمرض المريض فينعت له، وأسمع الناس ينعت بعضهم لبعض فأحفظه"٣.

كما امتازت بفصاحة اللسان، وبلاغة المقال، إذا خطبت ملكت على الناس مسامعهم، وإذا تكلمت أخذت بمجامع قلوبهم، فعن الأحنف بن قيس قال: سمعت خطبة أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، والخلفاء هلم جرًّا إلى يومي هذا، فما سمعت الكلام من مخلوق أفخم ولا أحسن من فِي عائشة٤.


١ سنن الترمذي: المناقب، فضل عائشة "٣٩٢٨" وقال: حسن صحيح.
٢ سير أعلام النبلاء "٢/ ١٤٥".
٣ سير أعلام النبلاء "٢/ ١٨٤" وقال فيه المحقق: رجاله ثقات.
٤ المستدرك على الصحيحين، الحاكم النيسابوري "٤/ ١١" دار المعرفة، بيروت.

<<  <   >  >>