أبو عبد الله المدني الفقيه، إمام دار الهجرة، ورأس المتقين، وكبير المحدثين "٩٣ - ١٧٩هـ".
وقد مكث الإمام مالك في تأليف كتابه "الموطأ" أربعين سنة كاملة ينقحه ويهذبه، ورتبه على الأبواب الفقهية، ومن عادته أنه يذكر عقب عنوان الباب الحديث المرفوع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم ما ورد فيه من الآثار عن الصحابة والتابعين، وخاصة من أهل المدينة؛ لأنه لم يرحل عنها، وأحيانًا يذكر ما عليه العمل، أو المجمع عليه في المدينة، وقد يتبع الحديث أحيانًا بتفسير كلمة لغويًّا أو بعض الجمل.
فالموطأ خلاصة لجهود هذا الإمام المحدِّث الكبير خلال أربعين عامًا، فكان متقنًا في بابه، وكان -رحمه الله تعالى- يتحرى في المتون وينتقي في الأسانيد، وقد بيَّن العلماء -سلفًا وخلفًا- أن أحاديث الموطأ كلها صحيحة، وأن أسانيده وردت متصلة جميعًا، فلا يوجد في الموطأ حديث مرسل ولا منقطع إلا وقد اتصل سنده من طرق أخرى، كما قرر العلماء، ومنهم أبو عمر بن عبد البر في كتابه "التقصي في مسند حديث الموطأ ومرسله".
وقديمًا قال الإمام الشافعي:"ما على الأرض كتاب هو أقرب إلى القرآن من كتاب مالك"، وفي رواية:"ما بعد كتاب الله أكثر صوابًا من موطأ مالك"، وفي رواية:"ما بعد كتاب الله أنفع من الموطأ"، وفي رواية:"ما على ظهر الأرض كتاب بعد كتاب الله أصح من كتاب مالك".
ب- عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي، مولاهم، أبو محمد، المصري، الفقيه، الحافظ، العابد "١٢٥- ١٩٧هـ"، وكتابه "الموطأ" أشار إليه غير واحد من الأئمة والحفاظ منهم ابن حجر العسقلاني في "التلخيص الحبير"، والزيلعي في "نصب الراية".