للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حديث، وما وضعت فيه حديثًا إلا واغتسلت وصليت ركعتين لله سبحانه وتعالى"١.

وقد اتفق الجمهور على أنه أصح كتاب بعد كتاب الله سبحانه وتعالى، وأطبق على قبوله بلا خلاف علماء الأسلاف والأخلاف٢، وأطنب العلماء في الثناء عليه وبيان منزلته، ومن ذلك ما قاله العلامة الشيخ محمد بن يوسف البنوري: "أصح كتاب بعد كتاب الله، أصبح تلو كتاب الله في المزايا التي قالها -صلى الله عليه وسلم- في كتاب الله الحكيم: "لا يخلق على كثرة الرد، ولا يمل قاريه، ولا يشبع منه العلماء، ولا تنقضي عجائبه"، فأضحى كالشمس في كبد السماء بلغ إلى أقصى القبول والمجد والثناء، فانتهض أعيان الأمة وأعلام العلم في كل عصر من أقدم العصور إلى اليوم لشرحه والتعليق عليه، وتلخيصه، واختصاره أو ترتيبه، وتأليف أطرافه، أو شرح تراجمه، أو ترجمة رجاله، أو بيان غريبه، أو وصل مرسله، وتعليقاته أو مبهمه، وإبراز فوائده، ولطائفه، حديثًا وفقهًا وعربية وبلاغة ووضعًا وترتيبًا وتوزيعًا وتبويبًا حتى في تعديد حروفه وكلماته وما إلى ذلك"٣.

وقال الإمام العيني: لم يحظَ كتاب من كتب الحديث بتناول العلماء -علماء فن الحديث- له شرحًا وإيضاحًا من المتقدمين والمتأخرين كما حظي صحيح البخاري٤، وانتهى الشيخ المباركفوري بقوله: "إنه الكتاب الوحيد -بعد كتاب الله تعالى- الذي يحل مشاكل الدين والدنيا كلها، ويشهد على المواهب وبراعة المؤلف في كل هذه الميادين"٥.

قال ابن الصلاح: "وجملة ما في كتاب البخاري سبعة آلاف حديث، إلا أن هذه العبارة قد يندرج تحتها عندهم آثار الصحابة


١ راجع: تهذيب التهذيب "٩/ ٤٩"، عمدة القاري "١/ ٢٢"، طبقات السبكي "٢/ ٢٢١"، تهذيب الأسماء واللغات "١/ ٧٤".
٢ عمدة القاري "١/ ٥".
٣ من مقدمة كتاب: لامع الدراري على جامع البخاري "أ-ب".
٤ عمدة القاري "١/ ٢٦".
٥ سيرة الإمام البخاري "ص٣٢٢".

<<  <   >  >>