للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

محصورة ومعزوة إلى أصحابها، وسببها اختلاف الأوقات التي يسمع فيها تلاميذ البخاري منه، أو لبعض أخطاء النساخ. قال أ. د. رفعت فوزي: "ومن هنا سهل على من يريد ضبطه وتحريره أن يرجع بكل وجه من رواياته إلى أصله١.

وهذا هو ما فعله علم من أعلام الحديث في القرن السابع الهجري، وهو الحافظ شرف الدين علي بن محمد بن عبد الله اليونيني "ت ٧٠١هـ-١٣٠٢م"؛ فقد قام بضبط رواية البخاري، وقابل أصله بأصل مسموع على الحافظ أبي محمد عبد الله بن أحمد الهروي، وبأصل مسموع على الحافظ أبي محمد عبد الله بن إبراهيم الأصيلي، وبأصل الحافظ أبي القاسم بن عساكر، وبأصل مسموع على أبي الوقت. وقد حضر معه في هذه المقابلة الإمام النحوي جمال الدين بن مالك، فكان إذا مر في الألفاظ ما يتراءى أنه مخالف لقوانين العربية المشهورة قال لليونيني: هل الرواية فيه كذلك؟ فإن أجابه: بأنها منها شرع ابن مالك في توجيهها حسب إمكانه، وجمع هذه التوجيهات في كتابه "التوضيح في حل مشكلات الجامع الصحيح".

ولم يقصد اليونيني من هذه المقابلة أن يرجح بين ما في هذه الأصول من مختلف الروايات، وأن يخرج منها صورة مختارة في نظره لصحيح البخاري، وإنما قصد أن يجمع تلك الروايات كلها في صعيد واحد؛ تيسيرًا لمن يريد الانتفاع بها من العلماء، وإغناء له عن التنقيب عليها في مختلف المظان، وقد استعان بالرموز في الإشارة إلى اختلاف النسخ، وصنع من بعض حروف الهجاء علامات يضعها على مواطن الخلاف، ويرشد بها إلى الرواة المختلفين، وبذلك ضبط رواياتهم مجتمعة بأخصر طريق، وحرر ألفاظ الكتاب على نحو ما هو ثابت عند أصحاب الأصول الأربعة التي قابل عليها أصله٢.


١ وقد وضعت المؤلفات والأبحاث في روايات البخاري واختلافها والمقارنة بينها، انظر: تاريخ التراث العربي "١/ ٣١٠، ٣١١".
٢ التعريف بأمير المؤمنين في الحديث "ص١٣٠، ١٣١".

<<  <   >  >>