للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولم يكن انتقال صحيح الإمام مسلم -خاصة هو وصحيح البخاري- كتابة وسماعًا وقراءة فقط، وإنما كان علماء الأمة الإسلامية يعنون بحفظه ومدارسته، والتنبيه إلى ما فيه، وما ليس فيه من الأحاديث وألفاظها وزياداتها.

ويعطينا الشيخ عبد الحي الكتاني -وهو من كبار المحدثين في كتابه "فهرس الفهارس والأثبات"١- عند كلامه عن والده المحدث الكبير الكتاني فيقول: "وديوانه الصحيح ختمه نحو الخمسين مرة، ما بين قراءته له على المشايخ وإسماع له، وكان يعرفه معرفة جيدة ... وأتم سماع وإسماع الكتب الستة٢ ... يستحضر أحاديث الكتب الستة كأصابع يده، وإن أَنْسَ فلا أنسى أني كنت مرة أسمع عليه كتاب المجالس المكية لأبي حفص الميانسي المكي من أصل عتيق بخط الحافظ أبي العلاء العراقي، فوصلنا فيه إلى حديث عثمان في كيفية وضوء النبي -صلى الله عليه وسلم- فمع عزو الميانسي له إلى مسلم ذكر فيه المسح على الأذنين، فقال لنا الشيخ الوالد: مسح الأذنين في الوضوء لا يوجد في الصحيحين من حديث عثمان، ولا غيره، فقمت بعد ذلك على ساق في مراجعة نسخ صحيح مسلم العتيقة المسموعة وغيرها من المستخرجات والمصنفات الأثرية، فلم أجد لذلك ذكرًا فيها، فأيقنت بحفظ الرجل، وقوة استحضاره وخوضه في السُّنَّة"٣.

ثانيًا: انتقل صحيح مسلم مرة أخرى على أيدي العلماء الذين شرحوه، ومخطوطات هذه الشروح منتشرة في مكتبات العالم، وبعضها طبع طبعًا محققًا٤، وبعضها قارن بين نسخ مسلم، ونبه على ما فيها من اختلافات سببها زيادات يسيرة، أو اختلاف أصحابها، واختلاف أوقات أخذهم لها من مسلم رحمه الله تعالى.


١ طبع عام ١٣٤٦هـ، بالمطبعة الجديدة الفاسية بالطالعة.
٢ الكتب الستة: صحيح البخاري، صحيح مسلم، سنن أبي داود، سنن الترمذي، سنن النسائي، سنن ابن ماجه.
٣ فهرس الفهارس "٢/ ١٤١".
٤ انظر: أماكنها، وسنوات طباعة بعضها، ومتى طبعت في "تاريخ التراث العربي" لفؤاد سزكين "١/ ٣٥٤- ٣٦٢"، الطبعة الأولى.

<<  <   >  >>