للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك، وقد تجلت عناية علماء الأمة به من خلال حرصهم على سماعه، وقراءته، وحفظه، وشرح غريبه، واختصاره، وترتيبه.

قال الحافظ أبو موسى المديني: إن مما أنعم الله علينا أن رزقنا سماع كتاب "المسند" للإمام الكبير إمام الدين أبي عبد الله أحمد١.

ويصور الحافظ أبو موسى ما كان يجده المحدث في نفسه من غبطة وفخر إذا وقع له جزء من أجزاء هذا "المسند" فيقول٢: ولعمري إن مَن كان من قبلنا من الحفاظ يتبجحون بجزء واحد يقع لهم من حديث هذا الإمام الكبير.

ويستشهد أبو موسى المديني لقوله هذا بذكر ما قاله أبو محمد المزني -وهو "بشهادة المديني" من الحفاظ الكبار المكثرين- لرجل قدم عليه من بغداد كان أقام بها على كتابة الحديث، إذ سأله أبو محمد المزني، وذلك في سنة ست وخمسين وثلاثمائة، عن فائدته ببغداد، وعن باقي إسناد العراق، فقال في جملة ما ذكر: سمعت "مسند" أحمد بن حنبل -رحمه الله تعالى- من أبي بكر بن مالك في مائة وخمسين جزءًا، فعجب أبو محمد المزني من ذلك، وقال: مائة وخمسون جزءًا من حديث أحمد بن حنبل! كنا ونحن بالعراق إذا رأينا عند شيخ من شيوخنا جزءًا من حديث أحمد بن حنبل قضينا العجب من ذلك، فكيف في هذا الوقت هذا "المسند" الجليل!

ثم ذكر المديني كيف أن الحاكم لم يبدأ بتأليف كتابه "المستدرك على الصحيحين" إلا بعد أن أقام في بغداد أشهرًا، وسمع جملة "المسند" من أبي بكر مالك القطيعي.

وسئل الشيخ الإمام الحافظ أبو الحسين علي ابن الشيخ الإمام الحافظ الفقيه محمد اليونيني -رحمهما الله تعالى- فيما رواه ابن الجزري٣: أنت تحفظ الكتب


١، ٢ خصائص المسند "ص٢٠".
٣ المصعد الأحمد "ص٣٢"، مقدمة الجزء الأول للمسند.

<<  <   >  >>