للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

روى الشيخان أن أبا هريرة قال: إنكم تزعمون أن أبا هريرة يكثر الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، إني كنت امرأً مسكينًا، صحبت النبي -صلى الله عليه وسلم- على بطني، وكان المهاجرون تشغلهم التجارة في الأسواق، وكانت الأنصار يشغلهم القيام على أموالهم، فحضرت من النبي -صلى الله عليه وسلم- مجلسًا، فقال: "مَن يبسط رداءه حتى أقضي مقالتي ثم يقبضه إليه فلن ينسى شيئًا سمعه مني"؟ فبسطت ردائي عليَّ حتى قضى حديثه ثم قبضتها إليَّ، فوالذي نفسي بيده لم أنسَ شيئًا سمعته منه صلى الله عليه وسلم١.

ورَوى النسائي وغيره أن رجلًا جاء إلى زيد بن ثابت فسأله عن شيء فقال: عليك بأبي هريرة؛ فإني بينما أنا جالس وأبو هريرة وفلان في المسجد ذات يوم ندعو الله ونذكره إذ خرج علينا النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى جلس إلينا فسكتنا فقال: "عودوا إلى الذي كنتم فيه". قال زيد: فدعوت أنا وصاحبي قبل أبي هريرة وجعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يؤمن على دعائنا، ثم دعا أبو هريرة فقال: اللهم إني أسألك ما سألك صاحباي وأسألك علمًا لا يُنسى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "آمين"، فقلنا: يا رسول الله، ونحن نسأل الله علمًا لا يُنسى، فقال: سبقكم بها الغلام الدوسي٢.

وقد شهد له إخوانه من الصحابة بكثرة أحاديثه التي سمعها من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومن ذلك:

أن رجلًا جاء إلى طلحة بن عُبيد الله رضي الله عنه، فقال: يا أبا محمد، أرأيت هذا اليماني -يعني أبا هريرة- أهو أعلم بحديث رسول الله منكم، نسمع منه أشياء لا نسمعها منكم، أم هو يقول عن رسول الله ما لم يقل؟

قال: أما أن يكون سمع ما لم نسمع فلا أشك، سأحدثك عن ذلك: إنا


١ فتح الباري "١/ ٢٢٤"، مسند أحمد "١٢/ ٢٧٠".
٢ فتح الباري "١/ ٢٦٦"، سير أعلام النبلاء "٢/ ٤٣٢"، تهذيب التهذيب "١٢/ ٢٦٦"، حلية الأولياء "١/ ٣٨١"، البداية والنهاية "٨/ ١١١".

<<  <   >  >>