كيحيى بن سعيد الأنصاري ويحيى القطان وشعبة وسفيان وابن معين وابن المدايني وابن مهدي وغيرهم فهؤلاء وأمثالهم أهل الذب عن أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عكس حال من صنف كتبًا فيها من الموضوعات شيء كثير، وهو لا يميز ولا يعرف الموضوع والمكذوب من غيره فيجيء الغر الجاهل فيرى حديثًا في كتاب مصنف فيغتر به وينقله وهؤلاء كثير أيضًا مثل مصنف كتاب:"وسيلة المتعبدين" الذي صنفه الشيخ عمر الموصلي ومثل: "تنقلات الأنوار" للبكري الذي وضع فيه من الكذب ما لا يخفى على من له أدنى مسكة عقل، بل قد أنكر العلماء على أهل التصوف كثيرًا مما ذكروه في كتبهم من الأحاديث التي يعلمون أنها من الموضوعات، ومن تفاسير آيات يعلمون أنها مخالفة مع أنهم قوم أحبوا الأعمال، وكذلك أهل التفسير يضعون في تفاسيرهم أحاديث مكذوبة، وكذلك كثير من الفقهاء يستدلون في كتبهم على المسائل بأحاديث ضعيفة أو مكذوبة، ومن لم يميز يقع في غلط عظيم فالله المستعان، وقد فرق الله بين الحق والباطل بأهل النور والإيمان والنقد العارفين بالنقل والذائقين كلام الرسول بالعقل، وقد صنفوا في ذلك كتبًا في الجرح والتعديل فهذا العلم مسلم لهم ولهم فيه معارف وطرق يختصون بها. وقد قال الإمام أحمد:"ثلاثة علوم ليس لها أصل: المغازي والملاحم والتفسير" ومعنى ذلك أن الغالب عليها أنها مرسلة وكذلك: "قصص الأنبياء" للثعلبي فيها ما فيها. والمقصود أن الصادق تمر به أحاديث يقطع قلبه بأنها موضوعة أو ضعيفة.
قال شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية:"القلب المعمور بالتقوى إذا رجح بمجرد رأيه فهو ترجيح شرعي" قال: "فمتي ما وقع عنده وحصل في قلبه ما يظن معه أن هذا الأمر أو هذا الكلام أرضى الله ورسوله كان ترجيحًا بدليل شرعي، والذين أنكروا كون الإلهام ليس طريقا إلى الحقائق مطلقا أخطئوا؛ فإذا اجتهد العبد في طاعة الله وتقواه، كان ترجيحه لما رجح أقوى من أدلة كثيرة ضعيفة فإلهام هذا دليل في حقه، وهو أقوى من كثير من الأقيسة الضعيفة والموهومة والظواهر والاستصحابات الكثيرة التي يحتج بها