للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السنة ولم يكن عمر أيضًا يعلم أن المرأة ترث من دية زوجها بل يرى أن الدية للعاقلة حتى كتب إليه الضحاك بن سفيان، وهو أمير الرسول على بعض البوادي يخبره أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-١ ورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها فترك رأيه لذلك وقال: "لو لم نسمع بهذا لقضينا بخلافه"٢. ولم يكن يعلم حكم المجوس في الجزية حتى أخبره عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب" ٣. ولما قدم: "سرغ" وبلغه أن الطاعون بالشام استشار المهاجرين الأولين الذين معه ثم الأنصار ثم مسلمة الفتح، فأشار كل عليه بما رأى، ولم يخبره أحد بسنة حتى قدم عبد الرحمن بن عوف فأخبره بسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الطاعون وأنه قال٤: "إذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارًا منه وإذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه " وتذاكر هو وابن عباس أمر الذي يشك في صلاته، فلم يكن قد بلغته السنة في ذلك حتى حدثه عبد الرحمن بن عوف عن النبي -صلى الله عليه وسلم-٥ أنه يطرح الشك ويبني على ما استيقن، وكان مرة في السفر فهاجت ريح فجعل يقول: من يحدثنا عن الريح قال أبو هريرة: "فبلغني وأنا في أخريات الناس فحثثت راحلتي حتى أدركته فحدثنه بما أمر به النبي عند هبوب الريح"٦. فهذه مواضع لم يكن يعلمها حتى بلغه إياها من ليس مثله، ومواضع أخر لم يبلغه ما فيها من السنة فقضى فيها أو أفتى فيها بغير ذلك مثل ما قضى في دية الأصابع أنها مختلفة بحسب منافعها، وقد كان عند أبي موسى وابن عباس -وهما دونه بكثير في العلم- علم بأن النبي قال: "هذه وهذه سواء" ٧ يعني الإبهام، والخنصر فبلغت هذه السنة لمعاوية في إمارته فقضى بها


١ أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه.
٢ رواه أحمد والبخاري وأبو داود والترمذي.
٣ رواه الشافعي.
٤ الحديث في الصحيحين وغيرهما.
٥ روى مسلم وأحمد وابن ماجه والترمذي أحاديث بمعناه، راجع نيل الأوطار ج٣ ص١٢٩ وما بعدها.
٦ أخرجه أبو داود وابن ماجه، وعند مسلم من حديث عائشة قالت: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا عصفت الريح قال: "اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها، وخير ما أرسلت به".
٧ رواه الجماعة إلا مسلمًا.

<<  <   >  >>