للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولم يجد المسلمون بدًّا من اتباع ذلك. ولم يكن عيبًا في عمر -رضي الله عنه- حيث لم يبلغه الحديث. وكذلك كان ينهى المحرم عن التطيب قبل الإحرام، وقبل الإفاضة إلى مكة بعد رمي جمرة العقبة هو وابنه عبد الله -رضي الله عنهما- وغيرهما من أهل الفضل، ولم يبلغهم حديث عائشة -رضي الله عنها: "طيبت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لحرمه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف"١ وكان يأمر لابس الخف أن يمسح عليه إلى أن يخلعه من غير توقيت، واتبعه على ذلك طائفة من السلف، ولم تبلغهم أحاديث التوقيت التي صحت عند بعض من ليس مثلهم في العلم، وقد رُوي ذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من وجوه متعددة صحيحة٢.

وكذلك عثمان -رضي الله عنه- لم يكن عنده علم بأن المتوفى عنها زوجها تعتد في بيت الموت، حتى حدثته الفريعة بنت مالك أخت أبي سعيد الخدري بقضيتها لما توفي زوجها، وأن النبي قال لها: "امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله" ٣ فأخذ به عثمان، وأهدي له مرة صيد كان قد صيد لأجله فهم بأكله حتى أخبره علي -رضي الله عنه- أن النبي رد لحمًا أهدي له٤.

وكذلك علي -رضي الله عنه- قال: "كنت إذا سمعت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديثًا نفعني الله بما شاء أن ينفعني منه، وإذا حدثني غيره استحلفته فإذا حلف لي صدقته، وحدثني أبو بكر وصدق أبو بكر" وذكر حديث٥ صلاة التوبة المشهور، وأفتى هو وابن عباس وغيرهما بأن المتوفى عنها إذا كانت حاملا تعتد أبعد الأجلين، ولم يكن قد بلغتهم سنة الله في سبيعة الأسلمية حيث أفتاها النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن عدتها وضع حملها٦ وأفتى هو وزيد وابن عمر وغيرهم بأن المفوضه إذا مات عنها زوجها فلا مهر


١ أخرجاه في الصحيحين.
٢ أخرج الطبراني من حديث أبي أمامة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يمسح على الخفين والعمامة ثلاثًا في السفر ويومًا وليلة في الحضر. والحديث متكلم فيه. راجع نيل الأوطار ج١ ص٢٠٦.
٣ رواه الخمسة وصححه الترمذي، ولم يذكر النسائي وابن ماجه إرسال عثمان.
٤ رواه أحمد وابن ماجه. والذي في الصحيحين من حديث أبي قتادة أنه أكل منه.
٥ أخرجه ابن أبي حاتم وابن مردويه، وابن السني في عمل اليوم والليلة.
٦ راجع ص٨٩.

<<  <   >  >>