للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يعني قوله: "إن إخواني من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق، وكنت ألزم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأشهد إذا غابوا وأحفظ إذا نسوا ... " الحديث، وهو في كتاب العلم وأول البيوع أيضًا عند البخاري.

الثمرة الثامنة:

لا يضر صحة الحديث تفرد صحابي به -قال الإمام ابن القيم في: "إغاثة اللهفان"١ في مناقشة من طعن في حديث ابن عباس في المطلقة ثلاثًا بأنها كانت واحدة٢ على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ِ وأبي بكر وصدرًا من خلافة عمر ما نصه: وقد رده آخرون بمسلك أضعف من هذا كله فقالوا: هذا حديث لم يروه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا ابن عباس وحده، ولا عن ابن عباس إلا طاوس وحده قالوا فأين أكابر الصحابة، وحفاظهم عن رواية مثل هذا الأمر العظيم الذي الحاجة إليه شديدة جدًّا فكيف خفي هذا على جميع الصحابة وعرفه ابن عباس وحده وخفي على أصحاب ابن عباس كلهم، وعلمه طاوس وحده؟ وهذا أفسد من جميع ما تقدم، ولا ترد أحاديث الصحابة وأحاديث الأئمة الثقات بمثل هذا فكم من حديث تفرد به واحد من الصحابة لم يروه غيره وقبله الأمة كلهم فلم يرده أحد منهم، وكم من حديث تفرد به من هو دون طاوس بكثير، ولم يرده أحد من الأئمة ولا نعلم أحدًا من أهل العلم قديمًا ولا حديثًا قال: "إن الحديث إذا لم يروه إلا صحابي واحد لم يقبل" وإنما يُحكى عن أهل البدع ومن تبعهم في ذلك أقوال لا يعرف لها قائل من الفقهاء، وقد تفرد الزهري بنحو ستين سنة لن يروها غيره وعملت بها الأمة، ولم يردوها بتفرده هذا مع أن عكرمة روى عن ابن عباس -رضي الله عنه- حديث ركانه، وهو موافق لحديث طاوس عنه فإن قدح في عكرمة أبطل، وتناقض فإن الناس احتجوا بعكرمة وصحح أئمة الحفاظ حديثه، ولم يلتفتوا إلى قدح من قدح فيه.


١ ص١٦٠ القاهرة، المطبعة الميمنية.
٢ يشير إلى الحديث الصحيح الذي أخرجه مسلم من طريق ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال: "كان الطلاق على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر: إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم".

<<  <   >  >>