للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إحداهما: كونها -في رأيه- حرفا يتبلغ به في الابتداء. وذلك مردود بما سبقت الإشارة إليه من أن الهمزة -بصريح عبارتهم- "حرف ثقيل مستكره"، أو هي غصة في الحلق.

ثانيهما: هي أن الهمزة -دون غيرها من الأصوات- صوت يمكن حذفه مع الاستغناء عنه، سواء أكانت الهمزة أصلا أم زائدة. وهذا الاعتلال تمكن مناقشته مع جهتين:

الجهة الأولى: أن الخواص التي ذكرها تناسب الحركات وتنطبق عليها بصورة واضحة، إذ هي أكثر الأصوات تعرضا لمثل هذه الظواهر التي ذكرها في نصه. وقد بينا فيما سبق امتناع الابتداء بالحركات في العربية، وهو ما يتمشى مع ما قرروه.

الجهة الثانية: أن "حذف" الهمزة في نحو خذ وبابه ظاهرة صرفية لا صوتية تقتضيها بنية الصيغ في هذه الأفعال، كما هو معروف. ولنا أن نفترض أن تطورًا قد لحق بهذه الصيغ ونحوها، وربما يدل عليه تأويلهم لهذه الصيغ بنحو قولهم: خذ: أصلها أؤخذ إلخ. أما الأمثلة الأخرى من نحو "ناس" و"الله" إلخ فالحذف فيها لهجة من اللهجات، ولا يجوز الاستدلال بأحكام لهجة على لهجة أخرى، أو بعبارة أوضح، لا يجوز في البحث الحديث فرض ظواهر لهجة من اللهجات على لهجة أخرى، لأن لكل منهما خواصها المميزة لها.

على أنا نلاحظ أن الهمزة في كل الأمثلة التي ذكرها ابن جني همزات قطع. وهذا يعني أن استدلاله استدلال ناقص لعدم اتحاد جهتي التناظر إذ هم أنفسهم قد نصوا على اختلاف الهمزتين في طبيعتهما وخواصهما.

أما الإجابة الثانية التي قدمها ابن جني عن التساؤل حول تفضيل الهمزة دون غيرها من الأصوات فتتمثل في قوله: "وإن شئت فقل: إنما زادوا الهمزة

<<  <   >  >>