نحن في سياق تعريب العلوم نفضل البدء بمحاولة ترجمة المصطلحات الأجنبية التي يراد نقلها إلى ساحتنا العلمية، على الرغم مما قد تنتظمه الترجمة من مزالق وتضحيات بحقائق الأمور في قليل أو كثير. نفضل ذلك، لأن في الترجمة مزايا علمية وقومية. يتمثل أهمها في الظفر بحقائق علمية، نكسوها لباسا عربيا، يرشحها للتمثيل والهضم والاستيعاب في سهولة ويسر، بالإضافة إلى ما يعنيه ذلك من إثراء اللغة العربية وتطويع مادتها.
واختيار البدء بالترجمة مشروط بشرطين متلازمين، أولهما الفهم التام الدقيق لمفهوم المصطلح الأجنبي، ثانيهما: أن يكون المصطلح العربي المقابل مناسبا نطقا وصياغة، خاليا من الشذوذ والإغراب في أصواته وبنائه، أي: أن تكون صورته النطقية مقبولة مستساغة وشكله الصرفي مأنوسا، بحيث يسهل استخدامه بطريقة تعمل على استقراره وانتشاره في الوسط العلمي المعين. فإذا كان المصطلح العربي المناسب موجودا بالفعل فبها ونعمت، وإلا لجأنا إلى ابتكاره بطريق التوليد.
والتوليد له جانبان: توليد في الصيغة وتوليد في الدلالة.
والتوليد في الصيغة قد يكون بالوضع أو النحت. ونعني بالوضع ابتكار كلمة جديدة من أصل عربي، بطريق الاشتقاق أو القياس وما إلى ذلك من ضروب التوليد اللفظي. فإن لم يسعفنا الحال لجأنا إلى النحت، وهو منهج مأخوذ به في اللغة العربية منذ أقدم عصورها.
أما التوليد في الدلالة، فنعني به توظيف كلمات قديمة في معنى جديد، بالتوسيع في دلالاتها على ضرب من المجاز، أو تعدد الدلالات. فالتوليد إذن يعني اختراع كلمة جديدة، أو توظيف كلمة قديمة في معنى جديد.