[المبحث الرابع: خواص صوتية تمتاز بها اللغة العربية]
لكل لغة سماتها ومميزاتها الخاصة بها، ويستوي في ذلك أن تكون هذه الخواص صوتية أو صرفية أو نحوية أو أسلوبية أو على مستوى الألفاظ ودلالتها. ومن البديهي أن تكون هذه السمات هي جملة الفروق بين لغة وأخرى، وأن تكون الأساس الذي ينبني عليه تحديد اللغات والحكم على هوية كل واحدة منها، وإعطاؤها اسما خاصا بها تنفرد به ويتعرف إليها في كل الحالات.
وليست العربية بدعا في ذلك، فلها ملامحها وظواهرها التي مازتها من غيرها من اللغات، وجعلتها لغة ذات ضوابط وحدود معينة أهلتها للتسمية المعروفة بها منذ أزمان بعيدة، وهي اللغة العربية. وسمات عربيتنا هذه كثيرة كثرة فائقة، هي -في الحق- جملة القواعد والقوانين الضابطة لها ولاستعمالاتها. ولسنا بقادرين -في هذا المقام ونحوه- على أن نأتي بهذه القواعد والقوانين كلها أو جلها. ومن ثم سوف نكتفي هنا بإيراد أمثلة قليلة لشيء من هذه السمات والخواص التي تنفرد أو تكاد تنفرد بها العربية، إما لأنها خاصة بها ومقصورة عليها، وإما لأنه تشيع أو توظف فيها توظيفا يجري على وفق نظم ثابتة مطردة، تجعل هذا الشيوع وذاك التوظيف ملمحا مميزا للغة العربية. أضف إلى ذلك أن الأمثلة التي سقناها هنا محصورة في الجانب الصوتي المميز للغتنا.
فأول ذلك أن اللغة العربية استخدمت جهاز النطق عند الإنسان خير استخدام وأعدله. فقد جاءت أصوات هذه اللغة موزعة على مدارج النطق