إن تحديد مفهوم "الخطأ" في اللغة يقتضي منا أن نشير -في إيجاز موجز- إلى نقطتين لهما صلة وثيقة بالموضوع، إحداهما منهجية والأخرى تتعلق بطبيعة اللغة. أما فيما يتعلق بطبيعة اللغة فمن المقرر والثابت أن اللغة لا تبقى على حال واحدة، بل يصيبها دائما وأبدا شيء من "التطور" أو التغير أو التبديل في كل ظواهرها: صوتية أو صرفية أو نحوية أو أسلوبية. ذلك أن الحياة نفسها متغيرة متجددة، ومن ثم تستلزم أنماطا من الكلام جديدة تقابل حاجاتها التعبيرية وتفي بأغراضها ومقاصدها التي تختلف من طور إلى طور ومن بيئة إلى أخرى. وهكذا تخضع اللغة لما يخضع له جميع مظاهر السلوك الإنساني فتتحرك من موقعها، فتضيف جديدا أو تنقص قديما أو تجمع بينهما. وتختلف درجة هذا التحرك وعمقه باختلاف الظروف والملابسات التي تعيش فيها اللغة المعينة.
هذا "التحرك" اللغوي أو تلك الديناميكية اللغوية المقررة يختلف الدارسون في الحكم عليها، كما يختلفون في تعيين مواقع آثارها في النظام اللغوي المعين. فهناك رجال المنهج الوصفي الذين يأخذون هذا "التحرك" قضية مسلمة، ولا يعنيهم منه إلا ملاحظته وتسجيله بأسلوب موضوعي صرف، ولا يدخلون أنوفهم فيما يلاحظون بنظرة ذاتية تسمه بالصواب أو الخطأ أو الجودة وعدم الجودة. وتنحصر وظيفتهم في وصف ما يلاحظون وتسجيل قواعده المستخلصة من الأمثلة المتشابهة. فالجديد عندهم إن كان مطرا في سلوكه ومظاهره ينضم إلى قواعد اللغة ويصبح جزءا من نظامها وإن لم يكن مطردا فهو ابتكار فردي، ربما يأتي عليه اليوم الذي يرشحه للقبول العام.