وتضم هذه المجموعة عددا من النصوص المتناثرة هنا وهناك في التراث اللغوي. وهذه النصوص تمثل غالبية الآراء وأشهرها فيما يتعلق بحقيقة السكون، وهي جميعا تتفق في خاصة واضحة، هي عدم تسمية السكون بالحركة وعدم وصفه بهذا المصطلح، ولكنها كلها -أو أجلها- تعامله على أنه شيء ينطق ويتلفظ به تحقيقا، وكثيرا ما يقارنون بينه وبين الحركات في هذه الخاصة التي نسبوها إليه.
وهذا الاتجاه -بكثرة نصوصه وتنوعها- تلخصه إشارات عابرة يلقي بها الدارسون من وقت إلى آخر ويمر بها كثير من القراء دون التمعن في حقيقة ما تنطوي عليه. من ذلك قولهم مثلا:
"السكون أخف الحركات" أو "أخف من الحركات"، أو نحو قولهم:"الفتح أقرب الحركات للسكون"، أو"الفتح يشبه السكون في الخفة" إلخ.
فهذه الإشارات ونحوها -وإن اختلفت في الأداء اللفظي- تنبئ عن معنى واحد، هو افتراضهم أن السكون شيء ينطق، ولكنه أخف الحركات أو أخف منها في ذلك. والفتح -في نظر علماء العربية والتقليديين من المحدثين- أقرب الحركات إلى السكون لأنه يقرب منه أو يشبهه في خفة النطق. وهذه المقارنة في الحالتين -بين الحركات في عمومها وبين السكون، وبين الفتحة وحدها وبينه- لا يمكن تفسيرها إلا على أساس التشابه الصوتي أو التقارب في عملية النطق الفعلية، وإلا ما كان هنا داعٍ لاستعمال المصطلحين "خفة"، "خفيف" في حالة السكون أو استعمال عكسهما في حالة الحركات كالتعبير "بالثقل أو ثقيلة". وهذه المصطلحات -كما ترى- تفيد التحقيق الصوتي أو إيجابيته، إذ لا يكون ذلك بجانبيه "الخفة والثقل" إلا في النطق والتلفظ بالشيء بداهة.
وقد جرهم إلى هذا الافتراض أو الوهم محاولتهم تسويغ قاعدة مشهورة، غير معتمدة هي الأخرى على الواقع اللغوي أو منطق اللغة نفسها. هذه القاعدة هي ما أشار إليها ابن مالك بقوله: