للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال أكثر الشراح: وإنما كان ذلك هو الأصل "لخفة السكون" و"لثقل الحركة"١. ولم يكتف صاحب المفصل بذلك بل عد البناء على السكون هو القياس. وعلل شارحه -ابن يعيش- هذا الادعاء بكلام طويل نكتفي منه بقوله: وإنما كان القياس في كل مبني السكون لوجهين: أحدهما أن البناء ضد الإعراب، وأصل الإعراب أن يكون بالحركات المختلفة للدلالة على المعاني المختلفة فوجب أن يكون البناء الذي هو ضده السكون. والوجه الثاني أن الحركة زيادة مستثقلة بالنسبة إلى السكون، فلا يأتى بها إلا لضرورة تدعو لذلك"٢.

فهذا التعليل -بالإضافة إلى ما يشتمل عليه من مغالطة منهجية- يصف الحركات بالثقل، إذا قورنت بالسكون وفي ذلك ما يعني إيجابية السكون ووجوده نطقا، غير أنه يتميز بالخفة في ذلك.

على أن غالبية النصوص التي تنتمي إلى هذا الاتجاه لا تكتفي بمجرد المقارنة بين السكون والحركات في بعض سمات النطق، وإنما تصرح -بل تؤكد


١ انظر حاشية الخضري على ابن عقيل جـ١ ص٣٢ والتصريح على التوضيح جـ١ ص٥٨.
٢ راجع إحياء النحو للأستاذ إبراهيم مصطفى ص١٠٢-١٠٣ والقول بأن البناء على السكون هو القياس أمر غير مقبول ويتضمن مغالطة منهجية. وذلك لأن القياس ينبغي أن يكون مبنيا على الواقع اللغوي نفسه. وقد لاحظ الأستاذ إبراهيم مصطفى أن هذا الأساس مفقود، فليس الكلام المبني ساكنا كله أو أغلبه. وقد قام هو بالنظر في الكلم المبني كله فوجد أن عدد حروف المعاني سبعون حرفا "الساكن منها اثنان وعشرون والمتحرك ثمانية وأربعون" ومعناه، كما قال: إن الساكن "في لبناء اقل من المتحرك". م بالنسبة للاسم فوجد أننا "لسنا في حاجة إلى الإحصاء، وجلي أنه قل أن يبنى على السكون "أما الفعل فالماضي بناؤه على الفتح ما أمكن والمضارع أكثر بناؤه على الفتح وذلك حين يؤكد بإحدى النونين والأمر وحده يبنى على السكون "انظر المرجع السابق ص١٠٤-١٠٧" وخلاصة هذا أن المبني على السكون من الكلم أقل من المبني على غيره، وهذه الحقيقة الواقعة تفسد أساس هذا القياس الذي ذكروه. وقد أدرك الصبان هذا الذي قلناه، فيصرح -تعليقا على قول ابن مالك: "والأصل في المبني أن يسكنا"- بأن الأصل أي الراجح والمصطحب لا الغالب؛ إذ ليس أغلب المبنيات ساكنا".

<<  <   >  >>