للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأساسية للسكون في كل سياق وكل موقع في الكلام العربي. هذه الخاصة -كما رأوا هم- هي خفته.

على أنه من الجائز أن تكون هذه العلامة قد فسرت أو قرئت خطأ: لعلها خاء في الواقع وحقيقة الأمر، ولكنها أخذت بطريق الخطأ على أنها رأس جيم أو حاء وذلك بسبب غياب النقط الذي يفرق بين هذه الحروف. وهذا الذي نراه هنا من كون العلامة هي رأس خاء يتمشى مع القول التقليدي الشائع بين القدامى والمحدثين على سواء١.

أما القول بأن علامة السكون هي رأس الميم ففيه خلط واضح بين رأس الميم "مـ" وبين علامة الصفر "هـ" "وهو أحد الاحتمالات التي نصوا عليها" وربما أوقعهم في هذا الخلط عدم معرفتهم بهذا الرمز الأخير أو عدم إدراكهم لقيمته.

والرأي الذي يرى أن الدال هي الأصل في علامة السكون رأي يبدو بعيدا عن الصواب. والظاهر أن الأمر التبس عليهم للتشابه الكبير بين رأس الخاء "غير المنقوطة" وبين الدال المفردة "د"، وهو أمر نلحظه كثيرا في بعض أنواع الخطوط.

وإذا كان لنا أن نبدي رأيا في "رموز" السكون فإننا نميل إلى تفضيل وجهة النظر القائلة بأن علامة الصفر "هـ" هي رمز السكون. وربما كان ذلك أقرب إلى غيره من الحقيقة. لما بين الجهتين من اتفاق وتماثل في خاصتهما الأساسية وهي "الخلو" من القيمة المادية. وذلك بالطبع إذا أُخِذا منعزلين أو قورنا بما من شأنه أن يصحبهما من أعداد أو حركات.

على أن الافتراض القائل بأن علامة السكون هي رأس خاء غير منقوطة افتراض له وجاهته، وليس هناك ما يمنع من قبوله، على أن يكون تاليا للاحتمال السابق من حيث الأفضلية والاختيار.


١ انظر: حفني ناصف، تاريخ الأدب أو حياة اللغة العربية ص٧٦ ط٢.

<<  <   >  >>