ولا ننسى في هذا المجال أن نشير إلى أن التنوين أيضا هو علامة صرف الكلمة نحويا، وحذفه دليل منع الكلمة من الصرف، والممنوع من الصرف باب كبير متشعب الجوانب، تنبنى قواعده على ضوابط عدة، من بينها وجود ظاهرة التنوين أو عدم وجودها، على ما هو معلوم لنا جميعا. أما وجود النون "أي التنوين" في المثنى والجمع المذكر الذي لا ينون مفرده "أي الممنوع من الصرف" كإبراهيمون مثلا، فذلك لأن تنوين ما لا ينصرف مقدر، فقامت النون "أي التنوين" مقامه في الجمع والمثنى.
ويمكن لنا بعد ذلك أن نشير إلى أمثلة أخرى من تلك الظواهر الصوتية التي تمتاز بها اللغة العربية إذا قورنت بكثير من اللغات المعروفة لنا، والتي لا يدركها كثير من المثقفين العرب، ولا يعيرها التفاتا ذا بال بعض الدارسين المتخصصين. هذه الظواهر قد تختص بصوت أو مجموعة معينة من الأصوات.
فأول ذلك ما يعرف بالتاء المربوطة. هذه التاء اتفق على رسمها بالرمز "ة" أي بصورة "هاء" فوقها نقطتان. هذا الرمز يتحقق في النطق الفعلي للغة بصورتين أساسيتين مختلفتين في الصفات والسمات وفقا للسياق الذي تقع فيه. فهي تنطق تاء خالصة في وصل الكلام، ولكنها هاء صرفة في الوقف، تقول في الفصحى: فاطمة بنت أخي "بتاء متلوة بضمة" ولكن "هذه فاطمة""بهاء ساكنة" ومن ثم يمكن عد نطقها تاء دليلا على وصل الكلام، كما أن تحقيقها هاء علامة من علامات الفصل أو الوقف. ومعنى هذا إذن أن نطق "التاء المربوطة" في الوصل يؤهلها لأن تكون مثلا أو صورة من صور تلك الوحدة الصوتية المعروفة بالتاء "ت"، على حين يرشحها تحقيقها في الفصل لأن تنتمي إلى الوحدة الصوتية الأخرى المرسومة بالهاء "هـ، بدون نقطة" وهي في الحالة الأولى كذلك لها ما للتاء من صفات، كما أنها في الفصل والوقف تنتظم ما للهاء من سمات.