على أن الأمر كله في حاجة ملحة إلى بحوث كثيرة، يضطلع بها المربون واللغويون معا، علنا في نهاية المطاف نصل إلى مستوى لغوي مقبول.
وسائل التقريب بين المستويات المختلفة:
يفترض أن اللغة التي يمكن أن تقدم إلى المتعلمين في هذه المرحلة هي اللغة العامية، أو ما يقرب أن يكون كذلك على أحسن تقدير.
ولكنا -كما يرى القارئ في الصفحات السابقة- لم نأخذ بهذا الافتراض على إطلاقه وإنما رأينا أن يكون محور عملنا هو الفصحى المعاصرة مع الامتداد بحدودها نحو العامية وفصحى التراث.
وموضوع التقريب بين المستويات اللغوية موضوع عام، يحتاج إلى بحث مستقل. ولكنا تتميما للفائدة -نستطيع أن نرسم خطوطا لجوانبه، ووسائله.
من أهم هذه الوسائل ما قمنا به بالفعل في بحثنا هذا. ونعني بذلك الاهتمام بالصيغة اللغوية الوسطى "الفصحى المعاصرة" مع الاتجاه نحو العامية لالتقاط فصيحها أو اختيار ما يمكن تفصيحه والسير بالتدريج نحو فصحى التراث، على الوجه الذي بيناه سابقا.
أما الوسائل أو العوامل الأخرى فهي كثيرة، وهي متدخلة متشابكة، تتعاون فيما بينها تعاونا وثيقا نحو الوصول إلى هدف محدد هو تكوين ما يمكن أن يسمى باللغة المشتركة أو اللغة القومية العامة، ويمكن تسميتها في الوقت نفسه "باللغة الفصحى أو الفصيحة".
وهذه الوسائل كلها يمكن ضمها تحت عامل واحد هو "التثقيف اللغوي القومي"، والنعت "بالقومي" جد مهم، لأنه يخرج العامية من الحسبان إذ هي ليست لغة قومية للعرب، وإنما هي صور من الكلام مختلفة، بحسب اختلاف البيئات والمستويات الثقافية الاجتماعية.